responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 11  صفحه : 60
وَالْمُرَادُ بِالنَّفِيرِ فِي قَوْلِهِ: لِيَنْفِرُوا وَقَوْلِهِ: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ الْخُرُوجُ إِلَى الْغَزْوِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ [التَّوْبَة: 38] أَيْ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا ذَلِكَ النَّفْرَ كُلُّهُمْ.
فَضَمِيرُ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ عَلَى قَوْلِهِ: الْمُؤْمِنُونَ، أَيْ لِيَتَفَقَّهَ الْمُؤْمِنُونَ. وَالْمُرَادُ لِيَتَفَقَّهَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ وَهِيَ الطَّائِفَةُ الَّتِي لَمْ تَنْفِرْ، كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ، فَهُوَ عَامٌّ مُرَادٌ بِهِ الْخُصُوصُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إِلَى مَفْهُومٍ مِنَ الْكَلَامِ مِنْ قَوْلِهِ: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ وَبَقِيَتْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، فَأُعِيدَ الضَّمِيرُ عَلَى (طَائِفَةٌ) بِصِيغَةِ الْجَمْعِ نَظَرًا إِلَى مَعْنَى طَائِفَةٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا [الحجرات: 9] عَلَى تَأْوِيلِ اقْتَتَلَ جَمْعُهُمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ النَّفْرِ فِي قَوْلِهِ: لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ نَفْرًا آخَرَ غَيْرَ النَّفْرِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهُوَ النَّفْرُ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ، وَتَكُونُ إِعَادَةُ فِعْلِ (يَنْفِرُوا) وَ (نَفَرَ) مِنَ الِاسْتِخْدَامِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ:
لِيَتَفَقَّهُوا عَائِدًا إِلَى طائِفَةٌ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً تَمْهِيدًا لِقَوْلِهِ: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ.
وَقَدْ نقل عَن أيمة الْمُفَسِّرِينَ وَأَسْبَابِ النُّزُولِ أَقْوَالٌ تَجْرِي عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ.
وَالِاعْتِمَادُ فِي مَرَاجِعِ الضَّمَائِرِ عَلَى قَرَائِنِ الْكَلَامِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي الْإِيجَازِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَى فِطْنَةِ السَّامِعِ فَإِنَّهُمْ أُمَّةٌ فَطِنَةٌ.
وَالْإِتْيَانُ بِصِيغَةِ لَامِ الْجَحُودِ تَأْكِيدٌ لِلنَّفْيِ، وَهُوَ خَبَرٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي النَّهْيِ فَتَأْكِيدُهُ يُفِيدُ تَأْكِيدَ النَّهْيِ، أَيْ كَوْنُهُ نَهْيًا جَازِمًا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ. وَذَلِكَ أَنَّهُ كَمَا كَانَ النَّفْرُ لِلْغَزْوِ وَاجِبًا لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ إِضَاعَةَ مَصْلَحَةِ الْأُمَّةِ كَذَلِكَ كَانَ تَرْكُهُ مِنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَاجِبًا لِأَنَّ فِي تَمَحُّضِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لِلْغَزْوِ إِضَاعَةَ مَصْلَحَةٍ لِلْأُمَّةِ أَيْضًا، فَأَفَادَ مَجْمُوعُ الْكَلَامَيْنِ أَنَّ النَّفْرَ لِلْغَزْوِ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ أَيْ عَلَى طَائِفَةٍ كَافِيَةٍ لِتَحْصِيلِ الْمَقْصِدِ الشَّرْعِيِّ مِنْهُ،
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 11  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست