responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 11  صفحه : 58
لَقُوهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَالنَّفَقَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تَكُونُ إِلَّا عَنْ قَصْدٍ يَتَذَكَّرُ بِهِ الْمُنْفِقُ أَنَّهُ يَسْعَى إِلَى مَا هُوَ وَسِيلَةٌ لِنَصْرِ الدِّينِ، وَالنَّفَقَةُ الْكَبِيرَةُ أُدْخِلَ فِي الْقَصْدِ، فَلذَلِك نبه عَلَيْهَا وَعَلَى النَّفَقَةِ الصَّغِيرَةِ لِيُعْلَمَ بِذَكَرِ الْكَبِيرَةِ حُكْمُ النَّفَقَةِ الصَّغِيرَةِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْكَبِيرَةِ أَظْهَرُ وَكَانَ هَذَا الْإِطْنَابُ فِي عَدِّ مَنَاقِبِهِمْ فِي الْغَزْوِ لِتَصْوِيرِ مَا بَذَلُوهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَقَطْعُ الْوَادِي: هُوَ اجْتِيَازُهُ. وَحَقِيقَةُ الْقَطْعِ: تَفْرِيقُ أَجْزَاءِ الْجِسْمِ. وَأُطْلِقَ عَلَى الِاجْتِيَازِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ.
وَالْوَادِي: الْمُنْفَرَجُ يَكُونُ بَيْنَ جِبَالٍ أَوْ إِكَامٍ فَيَكُونُ مَنْفَذًا لِسُيُولِ الْمِيَاهِ، وَلِذَلِكَ اشْتُقَّ مِنْ وَدَى بِمَعْنَى سَالَ. وَقَطْعُ الْوَادِي أَثْنَاءَ السَّيْرِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتَذَكَّرَ السَّائِرُونَ بِسَبَبِهِ أَنَّهُمْ سَائِرُونَ إِلَى غَرَضٍ مَا لِأَنَّهُ يُجَدِّدُ حَالَةً فِي السَّيْرِ لَمْ تَكُنْ مِنْ قَبْلُ. وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ نُدِبَ الْحَجِيجُ إِلَى تَجْدِيد التَّلْبِيَة عِنْد مَا يَصْعَدُونَ شَرَفًا أَوْ يَنْزِلُونَ وَادِيًا أَوْ يُلَاقُونَ رِفَاقًا.
وَالضَّمِيرُ فِي كُتِبَ عَائِدٌ إِلَى عَمَلٌ صالِحٌ [التَّوْبَة: 120] . وَلَامُ التَّعْلِيلِ مُتَعَلِّقَةٌ بِ (كُتِبَ) ، أَيْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُمْ صَالِحًا لِيَجْزِيَهُمْ عَنْ أَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ.
وَلَمَّا كَانَ هَذَا جَزَاءً عَنْ عَمَلِهِمُ الْمَذْكُورِ عُلِمَ أَنَّ عَمَلَهُمْ هَذَا مِنْ أَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ.
وَانْتَصَبَ أَحْسَنَ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ عَنْ أَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ أَوْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ [النُّور:
38] وَأَمَّا قَوْلُهُ: لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنا [الْقَصَص: 25] فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْقَبِيلِ
وَأَنَّ (أَجْرَ) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ.
وَفِي ذِكْرِ كانُوا وَالْإِتْيَانِ بِخَبَرِهَا مُضَارِعًا إِفَادَةُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ كَانَ ديدنهم.
[122]

[سُورَة التَّوْبَة (9) : آيَة 122]
وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)
كَانَ غَالِبُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ تَحْرِيضًا عَلَى الْجِهَادِ وَتَنْدِيدًا عَلَى الْمُقَصِّرِينَ فِي شَأْنِهِ، وَانْتَهَى الْكَلَامُ قَبْلَ هَذَا بِتَبْرِئَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالَّذِينَ حَوْلَهُمْ مِنَ التَّخَلُّفِ عَنْ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 11  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست