responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 11  صفحه : 54
وَلَيْسَ الْمُرَادُ لِيُذْنِبُوا فَيَتُوبُوا، إِذْ لَا يُنَاسِبُ مَقَامُ التَّنْوِيهِ بِتَوْبَتِهِ عَلَيْهِمْ. وَجُمْلَةُ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ تَذْيِيلٌ مُفِيد للامتنان.
[119]

[سُورَة التَّوْبَة (9) : آيَة 119]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)
الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ خَاتِمَةٌ لِلْآيِ السَّابِقَةِ وَلَيْسَتْ فَاتِحَةَ غَرَضٍ جَدِيدٍ. فَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنه قَالَ: «فو الله مَا أَعْلَمُ أَحَدًا ... أَبْلَاهُ اللَّهُ فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلَانِي مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيءِ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ- إِلَى قَوْلِهِ- وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التَّوْبَة: 117- 119] اه. فَهَذِهِ الْآيَةُ بِمَنْزِلَةِ التَّذْيِيلِ لِلْقِصَّةِ فَإِنَّ الْقِصَّةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْرِ قَوْمٍ اتَّقَوُا اللَّهَ فَصَدَقُوا فِي إِيمَانِهِمْ وَجِهَادِهِمْ فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَذِكْرِ قَوْمٍ كَذَبُوا فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَقُوا الْمَعَاذِيرَ وَحَلَفُوا كَذِبًا فَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَقَوْمٍ تَخَلَّفُوا عَنِ الْجِهَادِ وَصَدَقُوا فِي الِاعْتِرَافِ بِعَدَمِ الْعُذْرِ فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا كَانَ سَبَبُ فَوْزِ الْفَائِزِينَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ كُلِّهَا هُوَ الصِّدْقُ لَا جَرَمَ أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِتَقْوَاهُ وَبِأَنْ يَكُونُوا فِي زُمْرَةِ الصَّادِقِينَ مِثْلَ أُولَئِكَ الصَّادِقِينَ الَّذِينَ تَضَمَّنَتْهُمُ الْقِصَّةُ.
وَالْأَمْرُ بِ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ أَبْلَغُ فِي التَّخَلُّقِ بِالصِّدْقِ مِنْ نَحْوِ: اصْدُقُوا. وَنَظِيرُهُ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [الْبَقَرَة: 43] . وَكَذَلِكَ جَعَلَهُ بَعْدَ (مِنَ) التَّبْعِيضِيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ [الْبَقَرَة: 43] وَمِنْهُ قَوْلُهُ: قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ [الْبَقَرَة: 67] .
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 11  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست