responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 11  صفحه : 170
[سُورَة يُونُس (10) : آيَة 38]
أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (38)
أَمْ لِلْإِضْرَابِ الِانْتِقَالِيِّ مِنَ النَّفْيِ إِلَى الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ التَّعْجِيبِيِّ، وَهُوَ ارْتِقَاءٌ بِإِبْطَالِ دَعْوَاهُمْ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ مُفْتَرًى مِنْ دُونِ اللَّهِ.
وَلَمَّا اخْتَصَّتْ أَمْ بِعَطْفِ الِاسْتِفْهَامِ كَانَ الِاسْتِفْهَامُ مُقَدَّرًا مَعَهَا حَيْثُمَا وَقَعَتْ، فَالِاسْتِفْهَامُ الَّذِي تُشْعِرُ بِهِ (أَمْ) اسْتِفْهَامٌ تَعْجِيبِيٌّ إِنْكَارِيٌّ، وَالْمَعْنَى: بَلْ أيقولون افتراه بعد مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى صِدْقِهِ وَبَرَاءَتِهِ مِنَ الِافْتِرَاءِ.
وَمِنْ بَدِيعِ الْأُسْلُوبِ وَبَلِيغِ الْكَلَامِ أَنْ قُدِّمَ وَصْفُ الْقُرْآنِ بِمَا يَقْتَضِي بُعْدَهُ عَنِ الِافْتِرَاءِ وَبِمَا فِيهِ مِنْ أَجَلِّ صِفَاتِ الْكتب، وبتشريف نِسْبَة إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِالِاسْتِفْهَامِ عَنْ دَعْوَى الْمُشْرِكِينَ افْتِرَاءً لِيَتَلَقَّى السَّامِعُ هَذِهِ الدَّعْوَى بِمَزِيدِ الِاشْمِئْزَازِ وَالتَّعَجُّبِ مِنْ حَمَاقَةِ أَصْحَابِهَا فَلِذَلِكَ جَعَلَتْ دَعْوَاهُمُ افْتِرَاءَهُ فِي حَيِّزِ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ التَّعْجِيبِيِّ.
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يُجِيبَهُمْ عَنْ دَعْوَى الِافْتِرَاءِ بِتَعْجِيزِهِمْ، وَأَنْ يَقْطَعَ الِاسْتِدْلَالَ عَلَيْهِمْ، فَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ. وَالْأَمْرُ أَمْرُ تَعْجِيزٍ، وَقَدْ وَقَعَ التَّحَدِّي بِإِتْيَانِهِمْ بِسُورَة تماثل سُورَة الْقُرْآنِ، أَيْ تُشَابِهُهُ فِي الْبَلَاغَةِ وَحُسْنِ النَّظْمِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ هَذِهِ الْمُمَاثَلَةِ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [23] .
وَقَوْلُهُ: وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ هُوَ كَقَوْلِهِ فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ [23] : وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، وَمَعْنَى صادِقِينَ هُنَا، أَيْ قَوْلُكُمْ أَنَّهُ افْتَرَى، لِأَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَفْتَرِيَهُ أَمْكَنَكُمْ أَنْتُمْ مُعَارَضَتَهُ فَإِنَّكُمْ سَوَاءٌ فِي هَذِهِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ.
وَحُذِفَ مَفْعُولُ اسْتَطَعْتُمْ لِظُهُورِهِ مِنْ فِعْلِ (ادْعُوا) ، أَيْ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ دَعْوَتَهُ لِنُصْرَتِكُمْ وَإِعَانَتِكُمْ عَلَى تَأْلِيفِ سُورَةٍ مِثْلِ سور الْقُرْآن.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 11  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست