responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 662
الضَّابِطِ عَلَى الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ غَيْرُ عَزِيزٍ. وَالْمَعْنَى إِنَّا لَمْ نَتْرُكِ الْخَلْقَ فِي وَقْتٍ سُدًى، وَأَنْ لَيْسَ فِي النَّسْخِ مَا يتَوَهَّم مِنْهُ البداء.
وَفِي الْآيَةِ إِيجَازٌ بَدِيعٌ فِي التَّقْسِيمِ قَدْ جَمَعَ هَاتِهِ الصُّوَرَ الَّتِي سَمِعْتُمُوهَا وَصُوَرًا تَنْشَقُّ مِنْهَا لَا أَسْأَلُكُمُوهَا لِأَنَّهُ مَا فُرِضَتْ مِنْهَا صُورَةٌ بَعْدَ هَذَا إِلَّا عَرَفْتُمُوهَا.
وَمِمَّا يَقِفُ مِنْهُ الشَّعْرُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُوَجَّهَ إِلَيْهِ النَّظَرُ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى: نُنْسِها أَنَّهُ إِنْسَاءُ اللَّهِ تَعَالَى الْمُسْلِمِينَ لِلْآيَةِ أَوْ لِلسُّورَةِ، أَيْ إِذْهَابُهَا عَنْ قُلُوبِهِمْ أَوْ إِنْسَاؤُهُ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا فَيَكُونُ نِسْيَانُ النَّاسِ كُلِّهِمْ لَهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ دَلِيلًا عَلَى النَّسْخِ وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِحَدِيثٍ
أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدِهِ إِلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَرَأَ رَجُلَانِ سُورَةً أَقْرَأَهُمَا إِيَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَا ذَاتَ لَيْلَةٍ يُصَلِّيَانِ فَلَمْ يَقْدِرَا مِنْهَا عَلَى حَرْفٍ فَغَدَيَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُمَا: «إِنَّهَا مِمَّا نُسِخَ وَأُنْسِيَ فَالْهُوَا عَنْهَا» .
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ هَذَا الْحَدِيثُ فِي سَنَدِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ أَغْرَبَ بِهِ الطَّبَرَانِيُّ وَكَيْفَ خَفَى مِثْلُهُ عَلَى أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ نِسْيَانَ النَّبِيءِ مَا أَرَادَ اللَّهُ نَسْخَهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُثْبِتَهُ قُرْآنًا جَائِزٌ، أَيْ لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فَأَمَّا النِّسْيَانُ الَّذِي هُوَ آفَةٌ فِي الْبَشَرِ فَالنَّبِيءُ مَعْصُومٌ عَنْهُ قَبْلَ التَّبْلِيغِ، وَأَمَّا بَعْدَ التَّبْلِيغِ وَحِفْظِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ فَجَائِزٌ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ أَسْقَطَ آيَةً مِنْ سُورَةٍ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لِأُبَيٍّ لِمَ لَمْ تُذَكِّرْنِي قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهَا رُفِعَتْ قَالَ: لَا وَلَكِنِّي نُسِّيتُهَا اهـ.
وَالْحَقُّ عِنْدِي أَنَّ النِّسْيَانَ الْعَارِضَ الَّذِي يُتَذَكَّرُ بَعْدَهُ جَائِزٌ وَلَا تُحْمَلُ عَلَيْهِ الْآيَةُ لِمُنَافَاتِهِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها وَأَمَّا النِّسْيَانُ الْمُسْتَمِرُّ لِلْقُرْآنِ فَأَحْسَبُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى [الْأَعْلَى: 6] دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: إِلَّا مَا شاءَ اللَّهُ [الْأَعْلَى: 7] هُوَ مِنْ بَابِ التَّوْسِعَةِ فِي الْوَعْدِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَعْلَى.
وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً نُشَبِّهُهَا فِي الطُّولِ بِبَرَاءَةٌ فَأُنْسِيتُهَا غَيْرَ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْهَا لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى لَهُمَا ثَالِثًا وَمَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ اهـ. فَهُوَ غَرِيبٌ وَتَأْوِيلُهُ أَنْ هُنَالِكَ سُورَةً
نُسِخَتْ قِرَاءَتُهَا وَأَحْكَامُهَا، وَنِسْيَانُ الْمُسْلِمِينَ لِمَا نُسِخَ لَفْظُهُ مِنَ الْقُرْآنِ غَيْرُ عَجِيبٍ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ غَرِيبٌ اهـ.
وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ النَّسْخَ وَاقِعٌ، وَقَدِ اتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ عَلَى جَوَازِ النَّسْخِ وَوُقُوعِهِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَبُو مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ بَحْرٍ فَقِيلَ: إِنَّ خِلَافَهُ لَفْظِيٌّ وَتَفْصِيلُ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 662
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست