responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 200
فَالْيَهُودُ تَمَرَّدُوا عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ وَأَحْبَارِهِمْ غَيْرَ مَرَّةٍ وَبَدَّلُوا الشَّرِيعَةَ عَمْدًا فَلَزِمَهُمْ وَصْفُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَعَلِقَ بِهِمْ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ. وَالنَّصَارَى ضَلُّوا بَعْدَ الْحَوَارِيِّينَ وَأَسَاءُوا فَهْمَ مَعْنَى التَّقْدِيسِ فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَزَعَمُوهُ ابْنَ اللَّهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ قَالَ تَعَالَى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ [الْمَائِدَة: 77] . وَفِي وَصْفِ الصِّرَاطِ الْمَسْئُولِ فِي قَوْلِهِ: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ بِالْمُسْتَقِيمِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ وَاضِحُ الْحُجَّةِ قَوِيمُ الْمَحَجَّةِ لَا يَهْوِي أَهْلُهُ إِلَى هُوَّةِ الضَّلَالَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً [الْأَنْعَام: 161] وَقَالَ: وَأَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الْأَنْعَام: 153] ، عَلَى تَفَاوُتٍ فِي مَرَاتِبِ إِصَابَةِ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِذَلِكَ
قَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اجْتَهَدَ وَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَمَنِ اجْتَهَدَ وَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ»
وَلَمْ يَتْرُكْ بَيَانُ الشَّرِيعَةِ مَجَارِيَ اشْتِبَاهٍ بَيْنَ الْخِلَافِ الَّذِي تُحِيطُ بِهِ دَائِرَةُ الْإِسْلَامِ وَالْخِلَافِ الَّذِي يَخْرُجُ بِصَاحِبِهِ عَنْ مُحِيطِ الْإِسْلَامِ قَالَ تَعَالَى: إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ [النَّمْل: 79] .
وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي حَرَكَةِ هَاءِ الضَّمِيرِ مِنْ قَوْلِهِ: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، وَقَوْلِهِ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، وَمَا ضَاهَاهُمَا مِنْ كُلِّ ضَمِيرِ جَمْعٍ وَتَثْنِيَةِ مُذَكَّرٍ وَمُؤَنَّثٍ لِلْغَائِبِ وَقَعَ بَعْدَ يَاءٍ سَاكِنة، فالجمهور قرأوها بِكَسْرِ الْهَاءِ تَخَلُّصًا مِنَ الثِّقَلِ لِأَنَّ الْهَاءَ حَاجِزٌ غَيْرُ حَصِينٍ فَإِذَا ضُمَّتْ بَعْدَ الْيَاءِ فَكَانَ ضَمَّتُهَا قَدْ وَلِيَتِ الْكَسْرَةَ أَوِ الْيَاءَ السَّاكِنَةَ وَذَلِكَ ثَقِيلٌ وَهَذِهِ لُغَةُ قَيْسٍ وَتَمِيمٍ وَسَعْدِ بْنِ بَكْرٍ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ عَلَيْهُمْ وَإِلَيْهُمْ وَلَدَيْهُمْ فَقَطْ بِضَمِّ الْهَاءِ وَمَا عَدَاهَا بِكَسْرِ الْهَاءِ نَحْوُ إِلَيْهِمَا وَصَيَاصِيهِمْ وَهِيَ لُغَةُ قُرَيْشٍ وَالْحِجَازِيِّينَ. وَقَرَأَ يَعْقُوبُ كُلَّ ضَمِيرٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مِمَّا قَبْلَ الْهَاءِ فِيهِ يَاءٌ سَاكِنَةٌ بِضَمِّ الْهَاءِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا هُنَا فَلَا نُعِيدُ ذِكْرَهُ فِي أَمْثَالِهِ وَهُوَ مِمَّا يَرْجِعُ إِلَى قَوَاعِدِ عِلْمِ الْقِرَاءَاتِ فِي هَاءِ الضَّمِيرِ.
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي حَرَكَةِ مِيمِ ضَمِيرِ الْجَمْعِ الْغَائِبِ الْمُذَكَّرِ فِي الْوَصْلِ إِذَا وَقَعَتْ قَبْلَ متحرك فالجمهور قرأوا: عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ بِسُكُونِ الْمِيمِ وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَقَالُونُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِضَمَّةٍ مُشَبَّعَةٍ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَهِي لُغَة بعض الْعَرَبِ
وَعَلَيْهَا قَوْلُ لَبِيدٍ:
وَهُمُو فَوَارِسُهَا وَهُمْ حُكَّامُهَا

فَجَاءَ بِاللُّغَتَيْنِ، وَقَرَأَ وَرْشٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِشْبَاعِهَا إِذَا وَقَعَ بَعْدَ الْمِيمِ هَمْزٌ دُونَ نَحْوِ:
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَأَجْمَعَ الْكُلُّ عَلَى إِسْكَانِ الْمِيمِ فِي الْوَقْفِ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 200
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست