responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 12
وَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ وَالْمَعْنَى الْمَنْقُولِ إِلَيْهِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَطْوِيلٍ.
وَمَوْضُوعُ التَّفْسِيرِ: أَلْفَاظُ الْقُرْآنِ مِنْ حَيْثُ الْبَحْثِ عَنْ مَعَانِيهِ وَمَا يُسْتَنْبَطُ مِنْهُ، وَبِهَذِهِ
الْحَيْثِيَّةِ خَالَفَ عِلْمَ الْقِرَاءَاتِ لِأَنَّ تَمَايُزَ الْعُلُومِ- كَمَا يَقُولُونَ- بِتَمَايُزِ الْمَوْضُوعَاتِ وَحَيْثِيَّاتِ الْمَوْضُوعَاتِ.
هَذَا وَفِي عَدِّ التَّفْسِيرِ عِلْمًا تَسَامُحٌ إِذِ الْعِلْمُ إِذَا أُطْلِقَ، إِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ نَفْسُ الْإِدْرَاكِ، نَحْوَ قَوْلِ أَهْلِ الْمَنْطِقِ: الْعِلْمُ إِمَّا تَصَوُّرٌ وَإِمَّا تَصْدِيقٌ، وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَلَكَةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْعَقْلِ وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ وَهُوَ مُقَابِلُ الْجَهْلِ، وَهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ فِي عَدِّ الْعُلُومِ، وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِالْعِلْمِ الْمَسَائِلُ الْمَعْلُومَاتُ وَهِيَ مَطْلُوبَاتٌ خَبَرِيَّةٌ يُبَرْهَنُ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ وَهِيَ قَضَايَا كُلِّيَّةٌ، وَمَبَاحِثُ هَذَا الْعِلْمِ لَيْسَتْ بِقَضَايَا يُبَرْهَنُ عَلَيْهَا فَمَا هِيَ بِكُلِّيَّةٍ، بَلْ هِيَ تَصَوُّرَاتٌ جُزْئِيَّةٌ غَالِبًا لِأَنَّهُ تَفْسِيرُ أَلْفَاظٍ أَوِ اسْتِنْبَاطُ مَعَانٍ. فَأَمَّا تَفْسِيرُ الْأَلْفَاظِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ التَّعْرِيفِ اللَّفْظِيِّ وَأَمَّا الِاسْتِنْبَاطُ فَمِنْ دَلَالَةِ الِالْتِزَامِ وَلَيْسَ مِنَ الْقَضِيَّةِ.
فَإِذَا قُلْنَا إِنَّ يَوْمَ الدِّينِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَلِكِ يَوْم الدَّين [الْفَاتِحَة: 4] هُوَ يَوْمُ الْجَزَاءِ، وَإِذَا قُلْنَا إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً [الْأَحْقَاف: 15] مَعَ قَوْلِهِ: وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ [لُقْمَان: 14] يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ أَقَلَّ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ عِنْدَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَضِيَّةً، بَلِ الْأَوَّلُ تَعْرِيفٌ لَفْظِيٌّ،

وَالثَّانِي مِنْ دَلَالَةِ الِالْتِزَامِ وَلَكِنَّهُمْ عَدُّوا تَفْسِيرَ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ عِلْمًا مُسْتَقِلًّا أَرَاهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ لِوَاحِدٍ مِنْ وُجُوهٍ سِتَّةٍ:

الْأَوَّلُ:
أَنَّ مَبَاحِثَهُ لِكَوْنِهَا تُؤَدِّي إِلَى اسْتِنْبَاطِ عُلُومٍ كَثِيرَةٍ وَقَوَاعِدَ كُلِّيَّةٍ، نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ لِأَنَّهَا مَبْدَأٌ لَهَا وَمَنْشَأٌ، تَنْزِيلًا لِلشَّيْءِ مَنْزِلَةَ مَا هُوَ شَدِيدُ الشَّبَهِ بِهِ بِقَاعِدَةِ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا تُسْتَخْرَجُ مِنْهُ الْقَوَاعِدُ الْكُلِّيَّةُ وَالْعُلُومُ أَجْدَرُ بِأَنْ يُعَدَّ عِلْمًا مِنْ عِدِّ فَرُوعِهِ عِلْمًا، وَهُمْ قَدْ عَدُّوا تَدْوِينَ الشِّعْرِ عِلْمًا لِمَا فِي حِفْظِهِ مِنِ اسْتِخْرَاجِ نُكَتٍ بَلَاغِيَّةٍ وَقَوَاعِدَ لُغَوِيَّةٍ.

وَالثَّانِي
أَنْ نَقُولَ: إِنَّ اشْتِرَاطَ كَوْنِ مَسَائِلِ الْعِلْمِ قَضَايَا كُلِّيَّةً يُبَرْهَنُ عَلَيْهَا فِي الْعِلْمِ خَاصٌّ بِالْعُلُومِ الْمَعْقُولَةِ، لِأَنَّ هَذَا اشْتِرَاطٌ ذَكَرَهُ الْحُكَمَاءُ فِي تَقْسِيمِ الْعُلُومِ، أَمَّا الْعُلُومُ الشَّرْعِيَّةُ وَالْأَدَبِيَّةُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ، بَلْ يَكْفِي أَنْ تَكُونَ مَبَاحِثُهَا مُفِيدَةً كَمَالًا عِلْمِيًّا لِمُزَاوِلِهَا،
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 12
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست