responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 434
أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ: أَيْ بَلْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ، أَيْ بَلْ أَيَقُولُونَ اخْتَلَقَهُ؟ انْتَقَلُوا مِنْ قَوْلِهِمْ: هَذَا سِحْرٌ إِلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ الْأُخْرَى. وَالضَّمِيرُ فِي افْتَرَاهُ عَائِدٌ إِلَى الْحَقِّ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْآيَاتُ. قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ، عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ، فَاللَّهُ حَسْبِي فِي ذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي يُعَاقِبُنِي عَلَى الِافْتِرَاءِ عَلَيْهِ، وَلَا يُمْهِلُنِي فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً رَدِّ عُقُوبَةِ اللَّهِ بِي شَيْئًا. فَكَيْفَ أَفْتَرِيهِ وَأَتَعَرَّضُ لِعِقَابِهِ؟ يُقَالُ: فُلَانٌ لَا يَمْلِكُ إِذَا غَضِبَ، وَلَا يَمْلِكُ عِنَانَهُ إِذَا صُمَّ وَمِثْلُهُ: فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ [1] ؟ وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً [2] . وَمِنْهُ
قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» .
ثُمَّ اسْتَسْلَمَ إِلَى اللَّهِ وَاسْتَنْصَرَ بِهِ فَقَالَ: هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ: أَيْ تَنْدَفِعُونَ فِيهِ مِنَ الْبَاطِلِ، وَمُرَادُهُ الْحَقُّ، وَتَسْمِيَتِهِ تَارَةً سِحْرًا وَتَارَةً فِرْيَةً. وَالضَّمِيرُ فِي فِيهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى مَا، أَوْ عَلَى الْقُرْآنِ، وَبِهِ فِي مَوْضِعِ الْفَاعِلِ يَكْفِي عَلَى أَصَحِّ الْأَقْوَالِ.
شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ: شهيد إليّ بالتبليغ والدعاء إليه، وشهيد عَلَيْكُمْ بِالتَّكْذِيبِ. وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ: عِدَةٌ لَهُمْ بِالْغُفْرَانِ وَالرَّحْمَةِ إِنْ رَجَعُوا عَنِ الْكُفْرِ، وَإِشْعَارٌ بِحِلْمِهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، إِذْ لَمْ يُعَاجِلْهُمْ بِالْعِقَابِ، إِذْ كَانَ مَا تَقَدَّمَ تَهْدِيدًا لَهُمْ فِي أَنْ يُعَاجِلَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ.
قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ: أَيْ جَاءَ قَبْلِي غَيْرِي، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالْبِدْعُ وَالْبَدِيعُ: مِنَ الْأَشْيَاءِ مَا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ، وَمِنْهُ قَوْلِ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ، أَنْشَدَهُ قُطْرُبٌ:
فَمَا أَنَا بِدْعٌ مِنْ حَوَادِثَ تَعْتَرِي ... رِجَالًا عَرَتْ مِنْ بَعْدِ بُؤْسِي فَأَسْعَدَ
وَالْبِدْعُ وَالْبَدِيعُ: كَالْخِفِّ وَالْخَفِيفِ، وَالْبِدْعَةُ: مَا اخْتُرِعَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا، وَأَبْدَعَ الشَّاعِرُ: جَاءَ بِالْبَدِيعِ، وَشَيْءٌ بِدْعٌ، بِالْكَسْرِ: أَيْ مُبْتَدَعٌ، وَفُلَانٌ بِدْعٌ فِي هَذَا الْأَمْرِ: أَيْ بَدِيعٌ، وَقَوْمٌ أَبْدَاعٌ، عَنِ الْأَخْفَشِ. وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ، وَأَبُو حَيْوَةَ، وَابْنُ أَبِي عبلة: بِفَتْحِ الدَّالِ، جَمْعُ بِدْعَةٍ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ ذَا بِدَعٍ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً عَلَى فِعَلٍ، كَقَوْلِهِمْ: دِينٌ قِيَمٌ وَلَحْمٌ زِيَمٌ. انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي أَجَازَهُ، إِنْ لَمْ يُنْقَلِ اسْتِعْمَالُهُ عَنِ الْعَرَبِ، لَمْ نُجِزْهُ، لِأَنَّ فِعَلَ فِي الصِّفَاتِ لَمْ يَحْفَظْ مِنْهُ سِيبَوَيْهِ إِلَّا عِدَى. قَالَ سِيبَوَيْهِ:
وَلَا نَعْلَمُهُ جَاءَ صِفَةً إِلَّا فِي حَرْفٍ مُعْتَلٍّ يُوصَفُ بِهِ الْجَمْعُ، وَهُوَ قَوْمٌ عِدَى، وَقَدِ اسْتَدْرَكَ، وَاسْتِدْرَاكُهُ صَحِيحٌ. وَأَمَّا قِيَمٌ، فَأَصْلُهُ قِيَامٌ وَقِيَمٌ، مَقْصُورٌ مِنْهُ، وَلِذَلِكَ اعْتَلَّتِ الْوَاوُ فِيهِ، إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُورًا لَصَحَّتْ، كَمَا صَحَّتْ فِي حِوَلٍ وَعِوَضٍ. وَأَمَّا قَوْلُ الْعَرَبِ: مَكَانٌ

[1] سورة المائدة: 5/ 17.
[2] سورة المائدة: 5/ 41.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 434
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست