responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 286
مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ. فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: فِي هَلَاكِنَا إِنَّا عَامِلُونَ فِي هَلَاكِكَ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: اعْمَلْ لِإِلَهِكَ الَّذِي أَرْسَلَكَ، فَإِنَّنَا عَامِلُونَ لِآلِهَتِنَا الَّتِي نَعْبُدُهَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ:
اعْمَلْ عَلَى مُقْتَضَى دِينِكَ، وَنَحْنُ نَعْمَلُ عَلَى مُقْتَضَى دِينِنَا، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْمَلْ لِآخِرَتِكَ، فَإِنَّا نَعْمَلُ لِدُنْيَانَا. وَلَمَّا كَانَ الْقَلْبُ مَحَلَّ الْمَعْرِفَةِ، وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ مُعِينَانِ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَعَارِفِ، ذَكَرُوا أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ مَحْجُوبَةٌ عَنْ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا مِمَّا يُلْقِيهِ الرَّسُولُ شَيْءٌ. وَاحْتَمَلَ قَوْلُهُمْ: فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ، أَيْ تَكُونُ مُتَارَكَةً مَحْضَةً، وَأَنْ يَكُونَ اسْتِخْفَافًا. قُلْ إِنَّما، يُوحى إِلَيَّ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: قُلْ عَلَى الْأَمْرِ، وَابْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ:
قَالَ فعلا ماضي، وَهَذَا صَدْعٌ بِالتَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ. وَقَرَأَ النَّخَعِيُّ وَالْأَعْمَشُ: يُوحِي بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالْجُمْهُورُ: بِفَتْحِهَا، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ بَشَرٌ مِثْلُهُمْ لَا مَلَكٌ، لَكِنَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ دُونَهُمْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: عَلَّمَهُ تَعَالَى التَّوَاضُعَ، وَأَنَّهُ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَرَفْضِ آلِهَتِكُمْ. فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ: أَيْ لَهُ بِالتَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ رَأْسُ الدِّينِ وَالْعَمَلِ، وَاسْتَغْفِرُوهُ: وَاسْأَلُوهُ الْمَغْفِرَةَ، إذا هِيَ رَأَسُ الْعَمَلِ الَّذِي بِحُصُولِهِ تَزُولُ التَّبِعَاتُ. وَضَمَّنَ اسْتَقِيمُوا مَعْنَى التَّوَجُّهِ، فَلِذَلِكَ تَعَدَّى بِإِلَى، أَيْ وَجِّهُوا اسْتِقَامَتَكُمْ إِلَيْهِ، وَلَمَّا كَانَ الْعَقْلُ نَاطِقًا بِأَنَّ السَّعَادَةَ مَرْبُوطَةٌ بِأَمْرَيْنِ:
التَّعْظِيمِ لِلَّهِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى خَلْقِهِ، ذَكَرَ أَنَّ الْوَيْلَ وَالثُّبُورَ وَالْحُزْنَ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَمْ يُعَظِّمُوا اللَّهَ فِي تَوْحِيدِهِ، وَنَفْيِ الشَّرِيكِ، وَلَمْ يُشْفِقُوا عَلَى خَلْقِهِ بِإِيصَالِ الْخَيْرِ إِلَيْهِمْ، وَأَضَافُوا إِلَى ذَلِكَ إِنْكَارَ الْبَعْثِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ، قَالَهُ ابْنُ السَّائِبِ، قَالَ: كَانُوا يَحُجُّونَ وَيَعْتَمِرُونَ وَلَا يُزَكُّونَ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: وَقِيلَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ تُطْعِمُ الْحَاجَّ وَتَحْرِمُ مَنْ آمَنْ مِنْهُمْ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ أَيْضًا: الْمَعْنَى لَا يُؤْمِنُونَ بِالزَّكَاةِ، وَلَا يُقِرُّونَ بِهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالرَّبِيعُ: لَا يُزَكُّونَ أَعْمَالَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْجُمْهُورُ: الزَّكَاةُ هُنَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ التَّوْحِيدُ، كَمَا قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِفِرْعَوْنَ: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى [1] ، ويرجع هَذَا التَّأْوِيلَ أَنَّ الْآيَةَ مِنْ أَوَّلِ الْمَكِّيِّ، وَزَكَاةُ الْمَالِ إِنَّمَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ، قَالَ: وَإِنَّمَا هَذِهِ زَكَاةُ الْقَلْبِ وَالْبَدَنِ، أَيْ تَطْهِيرٌ مِنَ الشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي، وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ وَالرَّبِيعُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ: الزَّكَاةُ هُنَا النَّفَقَةُ فِي الطَّاعَةِ. انْتَهَى. وَإِذَا كَانَتِ الزَّكَاةُ الْمُرَادُ بِهَا إِخْرَاجُ الْمَالِ، فَإِنَّمَا قُرِنَ بِالْكُفْرِ، لِكَوْنِهَا شَاقَّةً بِإِخْرَاجِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ مَحْبُوبُ الطِّبَاعِ وَشَقِيقُ الْأَرْوَاحِ حَثًّا عَلَيْهَا. قَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ:
وَقَالُوا شَقِيقُ الرُّوحِ مَالُكُ فَاحْتَفِظْ ... بِهِ فَأَجَبْتُ الْمَالُ خَيْرٌ من الروح

[1] سورة النازعات: 79/ 18.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 9  صفحه : 286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست