responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 127
مُجَاهِدٌ: قَوْلًا سَدِيدًا فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِقَالُوا. وَقِيلَ: هُوَ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ سَلَّمْنَا سَلاماً فَهُوَ جُزْءٌ مِنْ مُتَعَلِّقِ الْجُمْلَةِ الْمَحْكِيَّةِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالَّذِي أَقُولُهُ إِنَّ قالُوا هُوَ الْعَامِلُ فِي سَلاماً لِأَنَّ الْمَعْنَى قَالُوا هَذَا اللَّفْظَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: تَسَلُّمًا مِنْكُمْ فَأُقِيمَ السَّلَامُ مُقَامَ التَّسْلِيمِ. وَقِيلَ: قَالُوا سَدَادًا مِنَ الْقَوْلِ يَسْلَمُونَ فِيهِ مِنَ الْأَذَى وَالْإِثْمِ وَالْمُرَادُ بِالْجَهْلِ السَّفَهُ وَقِلَّةُ الْأَدَبِ وَسُوءُ الرَّغْبَةِ مِنْ قَوْلِهِ:
أَلَا لَا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا ... فَنَجْهَلُ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا
انْتَهَى. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ: نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذِهِ الْآيَةُ كَانَتْ قَبْلَ آيَةِ السَّيْفِ فَنُسِخَ مِنْهَا مَا يَخُصُّ الْكَفَرَةَ وَبَقِيَ حُكْمُهَا فِي الْمُسْلِمِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي كِتَابِهِ وَمَا تَكَلَّمَ عَلَى نَسْخٍ سواه. ورجح به أنه الْمُرَادَ السَّلَامَةُ لَا التَّسْلِيمُ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يُؤْمَرُوا قَطُّ بِالسَّلَامِ عَلَى الْكَفَرَةِ، وَالْآيَةُ مَكِّيَّةٌ فَنَسَخَتْهَا آيَةُ السَّيْفِ. وَفِي التَّارِيخِ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْمَهْدِيِّ كَانَ مُنْحَرِفًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب فَرَآهُ فِي النَّوْمِ قَدْ تَقَدَّمَهُ إِلَى عُبُورِ قَنْطَرَةٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا تَدَّعِي هَذَا الْأَمْرَ بِامْرَأَةٍ وَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ، وَكَانَ حَكَى ذَلِكَ لِلْمَأْمُونِ قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ لَهُ بَلَاغَةً فِي الْجَوَابِ كَمَا يُذْكَرُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ: فَمَا أَجَابَكَ بِهِ؟ قَالَ: كَانَ يَقُولُ لِي سَلَامًا سَلَامًا، فَنَبَّهَهُ الْمَأْمُونُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ وَقَالَ: يَا عَمِّ قَدْ أَجَابَكَ بِأَبْلَغِ جَوَابٍ. فَخُزِيَ إِبْرَاهِيمُ وَاسْتَحْيَا، وَكَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَحْفَظِ الْآيَةَ أَوْ ذَهَبَ عَنْهُ حَالَةَ الْحِكَايَةِ.
وَالْبَيْتُوتَةُ هُوَ أن يدرك اللَّيْلُ نِمْتَ أَوْ لَمْ تَنَمْ، وَهُوَ خِلَافُ الظُّلُولِ وَبَجِيلَةُ وَأَزْدُ السَّرَاةِ يَقُولُونَ: بَيَاتٌ وَسَائِرُ الْعَرَبِ يَقُولُونَ: يَبِيتُ، وَلَمَّا ذَكَرَ حَالَهُمْ بِالنَّهَارِ بِأَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ أَحْسَنَ تَصَرُّفٍ ذَكَرَ حَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعْنِي إِحْيَاءَ اللَّيْلِ بِالصَّلَاةِ أَوْ أَكْثَرِهِ. وَقِيلَ: مَنْ قَرَأَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ فِي صَلَاةٍ فَقَدْ بَاتَ سَاجِدًا وَقَائِمًا. وَقِيلَ: هُمَا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَالرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْعَشَاءِ. وَقِيلَ: مَنْ شَفَعَ وَأَوْتَرَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فَقَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ حَضٌّ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَدَّمَ السُّجُودَ وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا فِي الْفِعْلِ لِأَجْلِ الْفَوَاصِلِ، وَلِفَضْلِ السُّجُودِ فَإِنَّهَا حَالَةٌ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ فِيهَا مِنَ اللَّهِ. وَقَرَأَ أَبُو الْبَرَهْسَمِ: سُجُودًا عَلَى وَزْنِ قُعُودًا. وَمَدَحَهُمْ تَعَالَى بِدُعَائِهِ أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُمْ عَذَابَ جَهَنَّمَ وَفِيهِ تَحْقِيقُ إِيمَانِهِمْ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: غَراماً فَظِيعًا وَجِيعًا. وَقَالَ الْخُدْرِيُّ: لَازِمًا مُلِحًّا دَائِمًا. قَالَ الْحَسَنُ: كُلُّ غَرِيمٍ يُفَارِقُ غَرِيمَهُ إِلَّا غَرِيمَ جَهَنَّمَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: شَدِيدًا. وَأَنْشَدُوا عَلَى أَنَّ غَراماً لازما قوله الشَّاعِرِ وَهُوَ بِشْرُ بْنُ أبي حاتم:

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست