responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 90
وَلَكُنْتَ لَهُمْ وَلِيًّا، وَلَخَرَجْتَ مِنْ وِلَايَتِي انْتَهَى. وَهُوَ تَفْسِيرُ مَعْنًى لَا أن لَاتَّخَذُوكَ جَوَابُ لَوْ مَحْذُوفَةً. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ ولو تَثْبِيتُنَا لَكَ وَعِصْمَتُنَا لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ لَقَارَبْتَ أَنْ تَمِيلَ إِلَى خُدَعِهِمْ وَمَكْرِهِمْ، وَهَذَا تَهْيِيجٌ مِنَ اللَّهِ لَهُ وَفَضْلُ تَثْبِيتٍ، وَفِي ذَلِكَ لُطْفٌ لِلْمُؤْمِنِينَ إِذَنْ لَوْ قَارَبْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ أَدْنَى رَكْنَةٍ لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ أَيْ لَأَذَقْناكَ عَذَابَ الْآخِرَةِ وَعَذَابَ الْقَبْرِ مُضَاعَفَيْنِ. فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ حَقِيقَةُ هَذَا الْكَلَامِ؟ قُلْتُ: أَصْلُهُ لَأَذَقْناكَ عَذَابَ الْحَيَاةِ وَعَذَابَ الْمَمَاتِ لِأَنَّ الْعَذَابَ عَذَابَانِ، عَذَابٌ فِي الْمَمَاتِ وَهُوَ عَذَابُ الْقَبْرِ، وَعَذَابٌ فِي حَيَاةِ الْآخِرَةِ وَهُوَ عَذَابُ النَّارِ، وَالضِّعْفُ يُوصَفُ بِهِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ [1] يَعْنِي مُضَاعَفًا، فَكَانَ أَصْلُ الْكَلَامِ لَأَذَقْناكَ عَذَابًا ضِعْفًا فِي الْحَيَاةِ، وَعَذَابًا ضِعْفًا فِي الْمَمَاتِ، ثُمَّ حُذِفَ الْمَوْصُوفُ وَأُقِيمَتِ الصِّفَةُ مَقَامَهُ وَهُوَ الضِّعْفُ، ثُمَّ أُضِيفَتِ الصِّفَةُ إِضَافَةَ الْمَوْصُوفِ، فَقِيلَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ كَمَا لو قِيلَ لَأَذَقْناكَ أَلِيمَ الْحَيَاةِ وَأَلِيمَ الْمَمَاتِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِضِعْفِ الْحَيَاةِ عَذَابُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَبِضِعْفِ الْمَمَاتِ مَا يَعْقُبُ الْمَوْتَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ وَالْمَعْنَى لَضَاعَفْنَا لَكَ الْعَذَابَ الْمُعَجَّلَ لِلْعُصَاةِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.
وَمَا نُؤَخِّرُهُ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ انْتَهَى.
وَجَوَابُ لَوْلا يَقْتَضِي إِذَا كَانَ مُثْبَتًا امْتِنَاعَهُ لِوُجُودِ مَا قَبْلَهُ، فَمُقَارَبَةُ الرُّكُونِ لَمْ تَقَعْ مِنْهُ فَضْلًا عَنِ الرُّكُونِ وَالْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ وُجُودُ تَثْبِيتِ اللَّهِ. وَقَرَأَ قَتَادَةُ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَابْنُ مُصَرِّفٍ: تَرْكَنُ بِضَمِّ الْكَافِ مُضَارِعُ رَكَنَ بِفَتْحِهَا وَانْتَصَبَ شَيْئاً عَلَى الْمَصْدَرِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: يُرِيدُ ضِعْفَ عَذَابِ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ عَذَابِ الْمَمَاتِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ أَذْنَبَ مِنْ عُقُوبَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كُنَّا نُضَعِّفُهُ. وَذَهَبَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى لَقَدْ كَادَ أَنْ يُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ رَكَنْتَ إِلَى قَوْلِهِمْ بِسَبَبِ فِعْلِهِمْ إِلَيْهِ مَجَازًا وَاتِّسَاعًا كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ: كِدْتَ تَقْتُلُ نَفْسَكَ أَيْ كَادَ النَّاسُ يَقْتُلُونَكَ بِسَبَبِ مَا فَعَلْتَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْصُومًا
، وَلَكِنَّ هَذَا تَعْرِيفٌ لِلْأُمَّةِ لِئَلَّا يَرْكَنَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَشَرَائِعِهِ انْتَهَى. وَاللَّامُ فِي لَأَذَقْناكَ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ قَبْلَ إِذاً أَيْ وَاللَّهِ إِنْ حَصَلَ رُكُونٌ لَيَكُونَنَّ كَذَا، وَالْقَوْلُ فِي لَأَذَقْناكَ كَالْقَوْلِ فِي لَاتَّخَذُوكَ مِنْ وُقُوعِ الْمَاضِي مَوْضِعَ الْمُضَارِعِ الدَّاخِلِ عليه

[1] سورة الأعراف: 7/ 38.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست