responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 79
مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَقَدْ أَخْبَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ أَوِ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ [1] أَوْ نَظَرَ إِلَيْهِ فَتَوَسَّمَ فِي مَخَايِلِهِ أَنَّهُ ذُو شَهْوَةٍ وَعَوَارِضَ كَالْغَضَبِ وَنَحْوِهِ، وَرَأَى خِلْقَتَهُ مُجَوَّفَةً مُخْتَلِفَةَ الْأَجْزَاءِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: ظَنَّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ وَسَوَّسَ إِلَى آدَمَ فَلَمْ يجد له عز ما فَظَنَّ ذَلِكَ بِذُرِّيَّتِهِ وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ قَوْلَ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ وَسْوَسَتِهِ لِآدَمَ فِي أَكْلِ الشَّجَرَةِ، وَاسْتَثْنَى الْقَلِيلَ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي ذُرِّيَّةِ آدَمَ مَنْ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [2] وَالْأَمْرُ بِالذَّهَابِ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ مِنْ نَقِيضِ الْمَجِيءِ وَلَكِنَّ الْمَعْنَى اذْهَبْ لِشَأْنِكَ الَّذِي اخْتَرْتَهُ، وَعَقَّبَهُ بِذِكْرِ مَا جَرَّهُ سُوءُ فِعْلِهِ مِنْ جَزَائِهِ وَجَزَاءِ أَتْبَاعِهِ جَهَنَّمَ، وَلَمَّا تَقَدَّمَ اسْمٌ غَائِبٌ وَضَمِيرُ خِطَابٍ غَلَبَ الْخِطَابُ فَقَالَ:
جَزاؤُكُمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرَ مِنْ عَلَى سَبِيلِ الِالْتِفَاتِ وَالْمَوْفُورُ الْمُكَمَّلُ وَوَفَرَ مُتَعَدٍّ كَقَوْلِهِ:
وَمَنْ يَجْعَلِ الْمَعْرُوفَ مِنْ دُونِ عَرْضِهِ ... يَفْرِهُ وَمَنْ لَا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ
وَلَازِمٌ تَقُولُ وَفَرَ الْمَالُ يَفِرُ وُفُورًا، وَانْتَصَبَ جَزاءً عَلَى الْمَصْدَرِ وَالْعَامِلُ فِيهِ جَزاؤُكُمْ أَوْ يُجَاوِزُ مُضْمَرَهُ أَوْ عَلَى الْحَالِ الْمُوَطِّئَةِ. وَقِيلَ: تَمْيِيزٌ وَلَا يُتَعَقَّلُ وَاسْتَفْزِزْ مَعْطُوفٌ عَلَى فَاذْهَبْ وَعُطِفَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَمْرِ وَكُلُّهَا بِمَعْنَى التَّهْدِيدِ كَقَوْلِهِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ [3] وَمَنْ فِي مَنِ اسْتَطَعْتَ مَوْصُولَةٌ مَفْعُولَةٌ بِاسْتِفْزِزْ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: مَنِ اسْتَطَعْتَ مَنِ اسْتِفْهَامٌ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِاسْتَطَعْتَ، وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ اسْتَفْزِزْ وَمَفْعُولَ اسْتَطَعْتَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ مَنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَسْتَفِزَّهُ وَالصَّوْتُ هُنَا الدُّعَاءُ إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْغِنَاءُ وَالْمَزَامِيرُ وَاللَّهْوُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: صَوْتُ الْمِزْمَارِ وَذَكَرَ الْغَزْنَوِيُّ أَنَّ آدَمَ أَسْكَنَ وَلَدَ هَابِيلَ أَعْلَى الْجَبَلِ وَوَلَدَ قَابِيلَ أَسْفَلَهُ. وَفِيهِمْ بَنَاتٌ حِسَانٌ، فَزَمَّرَ الشَّيْطَانُ فَلَمْ يَتَمَالَكُوا أَنِ انْحَدَرُوا وَاقْتَرَنُوا. وَقِيلَ: الصَّوْتُ هُنَا الْوَسْوَسَةُ.
وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِوَصْلِ الْأَلِفِ وَضَمِّ اللَّامِ مِنْ جَلَبَ ثُلَاثِيًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ إِبْلِيسَ لَهُ خَيْلٌ وَرَجَّالَةٌ مِنَ الْجِنِّ جِنْسِهِ قَالَهُ قَتَادَةُ، وَالْخَيْلُ تُطْلَقُ عَلَى الْأَفْرَاسِ حَقِيقَةً وَعَلَى أَصْحَابِهَا مَجَازًا وَهُمُ الْفُرْسَانُ، وَمِنْهُ: يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي، وَالْبَاءُ فِي بِخَيْلِكَ قِيلَ زَائِدَةٌ. وَقِيلَ: مِنَ الْآدَمِيِّينَ أُضِيفُوا إِلَيْهِ لِانْخِرَاطِهِمْ فِي طَاعَتِهِ وَكَوْنِهِمْ أَعْوَانَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ قاله مجاهد.

[1] سورة البقرة: 2/ 30.
[2] سورة ص: 38/ 82- 83.
[3] سورة فصلت: 41/ 40.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست