responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 576
فِي الْكَهْفِ قِرَاءَةً وَمَدْلُولًا. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَعِيسَى خَرَاجًا فخرج فكلمت بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ أَرْبَعُ قِرَاءَاتٍ، وَفِي الْحَرْفَيْنِ فَخَراجُ رَبِّكَ أَيْ ثَوَابُهُ لِأَنَّهُ الْبَاقِي وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ غَيْرِهِ فَانٍ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: فَعَطَاؤُهُ لِأَنَّهُ يُعْطِي لَا لِحَاجَةٍ وَغَيْرُهُ يُعْطِي لِحَاجَةٍ. وَقِيلَ: فَرِزْقُهُ وَيُؤَيِّدُهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ قَالَ الْجِبَائِيُّ: خَيْرُ الرَّازِقِينَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَاوِيهِ أَحَدٌ فِي الْإِفْضَالِ عَلَى عِبَادِهِ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِبَادَ قَدْ يَرْزُقُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا انْتَهَى. وَهَذَا مَدْلُولُ خَيْرٌ الَّذِي هُوَ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ وَمَدْلُولُ الرَّازِقِينَ الَّذِي هُوَ جَمْعٌ أُضِيفَ إِلَيْهِ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ.
وَلَمَّا زَيَّفَ طَرِيقَةَ الْكُفَّارِ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِبَيَانِ صِحَّةِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ مَنِ أَنْكَرَ الْمَعَادَ نَاكِبٌ عَنْ هَذَا الصِّرَاطِ لِأَنَّهُ لَا يَسْلُكُهُ إِلَّا مَنْ كَانَ رَاجِيًا لِلثَّوَابِ خَائِفًا مِنَ الْعِقَابِ وَهَؤُلَاءِ غَيْرُ مُصَدِّقِينَ بِالْجَزَاءِ فَهُمْ مَائِلُونَ عَنْهُ، وَأَبْعَدَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الصِّرَاطَ الَّذِي هُمْ نَاكِبُونَ عَنْهُ هُوَ طَرِيقُ الْجَنَّةِ فِي الْآخِرَةِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الصِّرَاطَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ نَاكِبُونَ عَنْهُ بِأَخْذِهِمْ يَمْنَةً وَيَسْرَةً إِلَى النَّارِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَناكِبُونَ لَعَادِلُونَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: تَارِكُونَ لَهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: حَائِرُونَ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مُعْرِضُونَ، وَهَذِهِ أَقْوَالٌ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى.
وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ قِيلَ: هُوَ الْجُوعُ. وَقِيلَ: الْقَتْلُ وَالسَّبْيُ.
وَقِيلَ: عَذَابُ الْآخِرَةِ أَيْ بَلَغُوا مِنَ التَّمَرُّدِ وَالْعِنَادِ أَنَّهُمْ لَوْ رُدُّوا إِلَى الدُّنْيَا لَعَادُوا لِشِدَّةِ لَجَاجِهِمْ فِيمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْبُعْدِ وَهَذَا الْقَوْلُ بِعِيدٌ بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ كَانَ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ اسْتَشْهَدَ عَلَى شِدَّةِ شَكِيمَتِهِمْ فِي الْكُفْرِ وَلَجَاجِهِمْ عَلَى تَقْدِيرِ رَحْمَتِهِ لَهُمْ بِأَنَّهُ أَخَذَهُمْ بِالسُّيُوفِ أَوَّلًا، وَبِمَا جَرَى عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ قَتْلِ صَنَادِيدِهِمْ وَأَسْرِهِمْ فَمَا وُجِدَتْ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِكَانَةٌ وَلَا تَضَرُّعٌ حَتَّى فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابَ الْجُوعِ الَّذِي هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْأَسْرِ وَالْقَتْلِ فَأُبْلِسُوا وَخَضَعَتْ رِقَابُهُمْ.
وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَا أَنَّ الضَّمِيرَ هُوَ الْقَحْطُ وَالْجُوعُ الَّذِي أَصَابَهُمْ بِدُعَاءِ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عن بن عَبَّاسٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ.
وَسَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ
رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا أَسْلَمَ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ الْحَنَفِيَّ وَلَحِقَ بِالْيَمَامَةِ مُنِعَ الْمِيرَةَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالسِّنِينَ حَتَّى أَكَلُوا الْعِلْهِزَ، فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ بعثت الرحمة لِلْعَالَمِينَ؟
فَقَالَ: «بَلَى» فَقَالَ: قَتَلْتَ الْآبَاءَ بِالسَّيْفِ وَالْأَبْنَاءَ بِالْجُوعِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ.
وَالْمَعْنَى لَوْ كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُمْ هذا الضر وهو الهزل وَالْقَحْطُ الَّذِي أَصَابَهُمْ وَوَجَدُوا الْخِصْبَ لَارْتَدُّوا إِلَى مَا كَانُوا

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 576
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست