responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 539
وَبَشَرٌ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَحْوَالِ الْمُكَلَّفِينَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ وَإِلَيْهِ مَرْجِعُ الْأُمُورِ كُلِّهَا.
وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ اصْطَفَى رُسُلًا مِنَ الْبَشَرِ إِلَى الْخَلْقِ أَمَرَهُمْ بِإِقَامَةِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنَ التَّكَالِيفِ وَهُوَ الصَّلَاةُ قِيلَ: كَانَ النَّاسُ أَوَّلَ مَا أَسْلَمُوا يَسْجُدُونَ بِلَا رُكُوعٍ وَيَرْكَعُونَ بِلَا سُجُودٍ، فَأُمِرُوا أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُمْ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَاتَّفَقُوا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ السُّجُودِ فِي آخِرِ آيَةِ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ [1] وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُسْجَدُ فِيهَا، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أَنَّهُ يُسْجَدُ فِيهَا وَبِهِ قَالَ عُمَرُ وابنه عبد الله وعثمان وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو مُوسَى وَابْنُ عَبَّاسٍ وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ أَيْ أَفْرِدُوهُ بِالْعِبَادَةِ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صِلَةُ الْأَرْحَامِ وَمَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ، وَيَظْهَرُ فِي هَذَا التَّرْتِيبِ أَنَّهُمْ أُمِرُوا أَوَّلًا بِالصَّلَاةِ وَهِيَ نَوْعٌ مِنَ الْعِبَادَةِ، وَثَانِيًا بِالْعِبَادَةِ وَهِيَ نَوْعٌ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ، وَثَالِثًا بِفِعْلِ الْخَيْرِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْعِبَادَةِ فَبَدَأَ بِخَاصٍّ ثُمَّ بِعَامٍّ ثُمَّ بِأَعَمَّ.
وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ أَمْرٌ بِالْجِهَادِ فِي دِينِ اللَّهِ وَإِعْزَازِ كَلِمَتِهِ يَشْمَلُ جِهَادَ الْكُفَّارِ وَالْمُبْتَدِعَةِ وَجِهَادَ النَّفْسِ. وَقِيلَ: أَمْرٌ بِجِهَادِ الْكُفَّارِ خَاصَّةً حَقَّ جِهادِهِ أَيِ اسْتَفْرِغُوا جُهْدَكُمْ وَطَاقَتَكُمْ فِي ذَلِكَ، وَأَضَافَ الْجِهَادَ إِلَيْهِ تَعَالَى لَمَّا كَانَ مُخْتَصًّا بِاللَّهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَفْعُولٌ لِوَجْهِهِ وَمِنْ أَجْلِهِ، فَالْإِضَافَةُ تَكُونُ بِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُتَّسَعَ فِي الظَّرْفِ كَقَوْلِهِ:
ويوم شهدناه سليما وعامرا انْتَهَى. يَعْنِي بِالظَّرْفِ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ، كَأَنَّهُ كَانَ الْأَصْلُ حَقَّ جِهَادٍ فِيهِ فَاتَّسَعَ بِأَنْ حُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ وَأُضِيفَ جِهَادٌ إِلَى الضَّمِيرِ. وحَقَّ جِهادِهِ مِنْ بَابِ هُوَ حَقُّ عَالِمٍ وَجِدُّ عَالِمٍ أَيْ عَالِمٌ حَقًّا وَعَالِمٌ جِدًّا. وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَالْكَلْبِيِّ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [2] .
هُوَ اجْتَباكُمْ أَيْ اخْتَارَكُمْ لِتَحَمُّلِ تَكْلِيفَاتِهِ وَفِي قَوْلِهِ هُوَ تَفْخِيمٌ وَاخْتِصَاصٌ، أَيْ هُوَ لَا غَيْرُهُ. مِنْ حَرَجٍ مِنْ تَضْيِيقٍ بَلْ هِيَ حَنِيفِيَّةٌ سَمْحَةٌ لَيْسَ فِيهَا تَشْدِيدُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَلْ شُرِعَ فِيهَا التَّوْبَةُ وَالْكَفَّارَاتُ وَالرُّخَصُ. وَانْتَصَبَ مِلَّةَ أَبِيكُمْ بفعل محذوف،

[1] سورة الحج: 22/ 18.
[2] سورة التغابن: 64/ 16.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 539
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست