responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 353
قالُوا يَا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى قُلْنا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى. فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى. قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى مَا جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى.
فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فجاؤوا مُصْطَفِّينَ إِلَى مَكَانِ الْمَوْعِدِ، وَبِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَصًا وَحَبْلٌ، وَجَاءَ مُوسَى وَأَخُوهُ وَمَعَهُ عَصَاهُ فَوَقَفُوا وقالُوا: يَا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَذَكَرُوا الْإِلْقَاءَ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ آيَةَ مُوسَى فِي إِلْقَاءِ الْعَصَا. قِيلَ: خَيَّرُوهُ ثِقَةً مِنْهُمْ بِالْغَلَبِ لِمُوسَى، وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ أَحَدًا لَا يُقَاوِمُهُمْ فِي السِّحْرِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَهَذَا التَّخْيِيرُ مِنْهُمُ اسْتِعْمَالُ أَدَبٍ حَسَنٍ مَعَهُ وَتَوَاضُعٌ لَهُ وَخَفْضُ جَنَاحٍ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى إِعْطَائِهِمُ النَّصَفَةَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَلْهَمَهُمْ ذَلِكَ وَعَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ اخْتِيَارَ إِلْقَائِهِمْ أَوَّلًا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْأَدَبِ بِأَدَبٍ حَتَّى يُبْرِزُوا مَا مَعَهُمْ مِنْ مَكَائِدِ السِّحْرِ وَيَسْتَنْفِذُوا أَقْصَى طُرُقِهِمْ وَمَجْهُودِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا أَظْهَرَ اللَّهُ سُلْطَانَهُ وَقَذَفَ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَدَمَغَهُ وَسَلَّطَ الْمُعْجِزَةَ عَلَى السِّحْرِ فَمَحَقَتْهُ، وَكَانَتْ آيَةً بَيِّنَةً لِلنَّاظِرِينَ بَيِّنَةً لِلْمُعْتَبِرِينَ انْتَهَى. وَهُوَ تَكْثِيرٌ وَخَطَابَةٌ وَإِنَّ مَا بَعْدَهُ يَنْسَبِكُ بِمَصْدَرٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا وَالْمَعْنَى أَنَّكَ تَخْتَارُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ، وَقَدَّرَ الزَّمَخْشَرِيُّ الرَّفْعَ الْأَمْرُ إِلْقَاؤُكَ أَوْ إِلْقَاؤُنَا فَجَعَلَهُ خبر المبتدأ مَحْذُوفٍ، وَاخْتَارَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست