responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 331
وَالْآخَرُ فَضْلَةً كَانَ عَوْدُهُ عَلَى الْمُحَدَّثِ عَنْهُ أَرْجَحَ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى الْقُرْبِ وَلِهَذَا رَدَدْنَا عَلَى أَبِي مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [1] عَائِدٌ عَلَى خِنْزِيرٍ لَا عَلَى لَحْمٍ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ مَذْكُورٍ، فَيَحْرُمُ بِذَلِكَ شَحْمُهُ وَغُضْرُوفُهُ وَعَظْمُهُ وَجِلْدُهُ بِأَنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ هُوَ لَحْمُ خِنْزِيرٍ لا خنزير.
وفَلْيُلْقِهِ أَمْرٌ مَعْنَاهُ الْخَبَرُ، وَجَاءَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مُبَالَغَةً إِذِ الْأَمْرُ أَقْطَعُ الْأَفْعَالِ وَأَوْجَبُهَا، وَمِنْهُ
قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُومُوا فَلْأُصَلِّ لَكُمْ» .
أَخْرَجَ الْخَبَرِ فِي صِيغَةِ الْأَمْرِ لِنَفْسِهِ مُبَالَغَةً، وَمِنْ حَيْثُ خَرَجَ الْفِعْلُ مَخْرَجَ الْأَمْرِ حَسُنَ جَوَابُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ يَأْخُذْهُ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَمَّا كَانَتْ مَشِيئَةُ اللَّهِ وَإِرَادَتُهُ أن لا يخطىء جَرْيَةُ مَاءِ الْيَمِّ الْوُصُولَ بِهِ إِلَى السَّاحِلِ وَإِلْقَاءَهُ إِلَيْهِ سَلَكَ فِي ذَلِكَ سُبُلَ الْمَجَازِ، وَجَعَلَ الْيَمَّ كَأَنَّهُ ذُو تَمْيِيزٍ أَمَرَ بِذَلِكَ لِيُطِيعَ الْأَمْرَ وَيَمْتَثِلَ رَسْمَهُ فَقِيلَ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ انْتَهَى. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: إِنَّمَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْأَمْرِ لِسَابِقِ عِلْمِهِ بِوُقُوعِ الْمُخْبَرِ بِهِ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ، فَكَأَنَّ الْبَحْرَ مَأْمُورٌ مُمْتَثِلٌ لِلْأَمْرِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ أَمْرٌ وَفِيهِ مَعْنَى الْمُجَازَاةِ أَيِ اقْذِفِيهِ يُلْقِهِ الْيَمُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَحْرَ أَلْقَاهُ بِالسَّاحِلِ فَالْتَقَطَهُ مِنْهُ.
وَرُوِيَ أَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ يَشْرَبُ فِي مَوْضِعٍ مِنَ النِّيلِ إِذْ رَأَى التَّابُوتَ فَأَمَرَ بِهِ فَسِيقَ إِلَيْهِ وَامْرَأَتُهُ مَعَهُ فَفَتَحَ فَرَأَوْهُ فَرَحِمَتْهُ امْرَأَتُهُ وَطَلَبَتْهُ لِتَتَّخِذَهُ ابْنًا فَأَبَاحَ لَهَا ذَلِكَ.
وَرُوِيَ أَنَّ التَّابُوتَ جَاءَ فِي الْمَاءِ إِلَى الْمَشْرَعَةِ الَّتِي كَانَتْ جَوَارِي امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ يَسْتَقِينَ مِنْهَا الْمَاءَ. فَأَخَذَتِ التَّابُوتَ وَجَلَبَتْهُ إِلَيْهَا فَأَخْرَجَتْهُ وَأَعْلَمَتْهُ فِرْعَوْنَ وَالْعَدُوُّ الَّذِي لِلَّهِ وَلِمُوسَى هُوَ فِرْعَوْنُ، وَأُخْبِرَتْ بِهِ أُمُّ مُوسَى عَلَى طَرِيقِ الْإِلْهَامِ وَلِذَلِكَ قَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ [2] وَهِيَ لَا تَدْرِي أَيْنَ اسْتَقَرَّ.
وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي. قِيلَ: مَحَبَّةَ آسِيَةَ وَفِرْعَوْنَ، وَكَانَ فِرْعَوْنُ قَدْ أَحَبَّهُ حُبًّا شَدِيدًا حَتَّى لَا يَتَمَالَكَ أَنْ يَصْبِرَ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَحَبَّهُ اللَّهُ وَحَبَّبَهُ إِلَى خَلْقِهِ.
وَقَالَ عَطِيَّةُ: جُعِلَتْ عَلَيْهِ مَسْحَةٌ مِنْ جَمَالٍ لَا يَكَادُ يَصْبِرُ عَنْهُ مَنْ رَآهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ فِي عَيْنَيْهِ مَلَاحَةٌ مَا رَآهُ أَحَدٌ إِلَّا أَحَبَّهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَأَقْوَى الْأَقْوَالِ أَنَّهُ الْقَبُولُ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:
مِنِّي لا يخلو أَنْ يَتَعَلَّقَ بِأَلْقَيْتُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى أَحْبَبْتُكَ وَمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ أَحَبَّتْهُ الْقُلُوبُ، وَإِمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ هُوَ صِفَةٌ لِمَحَبَّةٍ أَيْ مَحَبَّةً خَالِصَةً أَوْ وَاقِعَةً مِنِّي قَدْ رَكَّزْتُهَا أَنَا فِيهَا فِي الْقُلُوبِ وَزَرَعْتُهَا فِيهَا، فَلِذَلِكَ أَحَبَّكَ فِرْعَوْنُ وكل من أبصرك.

[1] سورة الأنعام: 6/ 145.
[2] سورة القصص: 28/ 11.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست