responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 174
الْمُؤْمِنِينَ، فَالرَّجُلُ الْكَافِرُ بِإِزَاءِ الْمُتَجَبِّرِينَ وَالرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ بِإِزَاءِ ضُعَفَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، وَظَهَرَ بِضَرْبِ هَذَا الْمَثَلِ الرَّبْطُ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَالَّتِي قَبْلَهَا إِذْ كَانَ مَنْ أَشْرَكَ إِنَّمَا افْتَخَرَ بِمَالِهِ وَأَنْصَارِهِ، وَهَذَا قَدْ يَزُولُ فَيَصِيرُ الْغَنِيُّ فَقِيرًا، وَإِنَّمَا الْمُفَاخَرَةُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَالتَّقْدِيرُ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا قِصَّةَ رَجُلَيْنِ وجعلنا تَفْسِيرٌ لِلْمَثَلِ فَلَا مَوْضِعَ لَهُ مِنَ الْإِعْرَابِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ نَصْبًا نَعْتًا لِرَجُلَيْنِ. وَأُبْهِمَ فِي قَوْلِهِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ هُوَ الْكَافِرُ الشَّاكُّ فِي الْبَعْثِ، وَأَبْهَمَ تَعَالَى مَكَانَ الْجَنَّتَيْنِ إِذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِتَعْيِينِهِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ. وَذَكَرَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَاتِبُ فِي كِتَابِهِ فِي عَجَائِبِ الْبِلَادِ أَنَّ بُحَيْرَةَ تِنِّيسَ كَانَتْ هَاتَيْنِ الْجَنَّتَيْنِ وكانتا الأخوين، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنَ الْآخَرِ وَأَنْفَقَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ حَتَّى عَيَّرَهُ الْآخَرُ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمَا هَذِهِ الْمُحَاوَرَةُ قَالَ: فَغَرَّقَهَا اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ وَإِيَّاهُمَا عَنَى بِهَذِهِ الْآيَةَ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْهَيْئَةَ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فَإِنَّ الْمَرْءَ لَا يَكَادُ يَتَخَيَّلُ أَجَلَّ مِنْهُمَا فِي مَكَاسِبِ النَّاسَ جَنَّتَا عِنَبٍ أَحَاطَ بِهِمَا نَخْلٌ بَيْنَهُمَا فُسْحَةٌ هِيَ مُزْدَرَعٌ لِجَمِيعِ الْحُبُوبِ وَالْمَاءِ الْمَعِينِ، يُسْقَى جَمِيعُ ذَلِكَ مِنَ النَّهَرِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ بَسَاتِينَ مِنْ كُرُومٍ، وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا النَّخْلَ مُحِيطًا بِالْجَنَّتَيْنِ، وَهَذَا مِمَّا يُؤْثِرُهُ الدَّهَاقِينُ فِي كُرُومِهِمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا مُؤَزَّرَةً بِالْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ انْتَهَى. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ وَفِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ كِلَا الْجَنَّتَيْنِ، أَتَى بِصِيغَةِ التَّذْكِيرِ لِأَنَّ تَأْنِيثَ الْجَنَّتَيْنِ مَجَازِيٌّ، ثُمَّ قَرَأَ آتَتْ فَأُنِّثَ لِأَنَّهُ ضَمِيرٌ مُؤَنَّثٌ، فَصَارَ نَظِيرَ قَوْلِهِمْ طَلَعَ الشَّمْسُ وَأَشْرَقَتْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: كُلُّ الْجَنَّتَيْنِ آتَى أُكُلَهُ انْتَهَى فَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى كُلُّ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: جَعَلَهَا أَرْضًا جَامِعَةً لِلْأَقْوَاتِ وَالْفَوَاكِهِ، وَوَصَفَ الْعِمَارَةَ بِأَنَّهَا مُتَوَاصِلَةٌ مُتَشَابِكَةٌ لَمْ يَتَوَسَّطْهَا مَا يَقْطَعُهَا وَيَفْصِلُ بَيْنَهُمَا مَعَ الشَّكْلِ الْحَسَنِ وَالتَّرْتِيبِ الْأَنِيقِ، وَنَعَتَهَمَا بِوَفَاءِ الثِّمَارِ وَتَمَامِ الْأَكْلِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ ثُمَّ بِمَا هُوَ أَصْلُ الْخَيْرُ وَمَادَّتُهُ مِنْ أَمْرِ الشُّرْبِ، فَجَعَلَهُ أَفْضَلَ مَا يُسْقَى بِهِ وَهُوَ السَّيْحُ بِالنَّهَرِ الْجَارِي فِيهَا وَالْأَكْلُ الثَّمَرُ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَفَجَّرْنا بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّمَا شَدَّدَ وَفَجَّرْنا وَهُوَ نَهَرٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ النَّهَرَ يَمْتَدُّ فَكَأَنَّ التَّفَجُّرَ فِيهِ كُلَّهُ أَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ شُرْبَهُمَا كَانَ مِنْ نَهَرٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَغْزَرُ الشُّرْبِ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ بِتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَكَذَا قَرَأَ الْأَعْمَشُ فِي سُورَةِ الْقَمَرِ، وَالتَّشْدِيدُ فِي سُورَةِ الْقَمَرِ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ عُيُوناً [1] وَقَوْلِهِ هنا

[1] سورة القمر: 54/ 12.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 174
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست