responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 6  صفحه : 533
مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ
:
نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي مَكَّةَ أَنْكَرُوا نُبُوَّةَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَالُوا: اللَّهُ أَعْظَمُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ بَشَرًا، فَهَلَّا بَعَثَ إِلَيْنَا مَلَكًا؟ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي آخِرِ يُوسُفَ، وَالْمَعْنَى:
نُوحِي إِلَيْهِمْ عَلَى أَلْسِنَةِ الْمَلَائِكَةِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: يُوحَى بِالْيَاءِ وَفَتْحِ الْحَاءِ، وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ:
بِالْيَاءِ وَكَسْرِهَا وَعَبْدُ اللَّهِ، وَالسُّلَمِيُّ، وَطَلْحَةُ، وَحَفْصٌ: بِالنُّونِ وَكَسْرِهَا. وَأَهْلُ الذِّكْرِ:
الْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى، قَالَهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا: الْيَهُودُ.
وَالذِّكْرُ: التَّوْرَاةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ [1] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَسَلْمَانَ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ: مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: عَامٌّ فِيمَنْ يُعْزَى إِلَيْهِ عِلْمٌ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ زَيْدٍ: أَهْلُ الْقُرْآنِ. وَيُضَعَّفُ هَذَا الْقَوْلِ وَقَوْلِ مَنْ قَالَ: مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، لِأَنَّهُ لَا حُجَّةَ عَلَى الْكُفَّارِ فِي إِخْبَارِ الْمُؤْمِنِينَ، لِأَنَّهُمْ مُكَذِّبُونَ لَهُمْ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ لَمْ يُسْلِمُوا، وَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ النَّازِلَةِ، إِنَّمَا يُخْبِرُونَ مِنَ الرُّسُلِ عَنِ الْبَشَرِ، وَإِخْبَارُهُمْ حُجَّةٌ عَلَى هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُصَدِّقِينَ لَهُمْ، وَلَا يُتَّهَمُونَ بِشَهَادَةٍ لَهُمْ لَنَا، لِأَنَّهُمْ مُدَافِعُونَ فِي صَدْرِ مِلَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا هُوَ كَسْرُ حُجَّتِهِمْ وَمَذْهَبِهِمْ، لا أنا افْتَقَرْنَا إِلَى شَهَادَةِ هَؤُلَاءِ، بَلِ الْحَقُّ وَاضِحٌ فِي نَفْسِهِ. وَقَدْ أَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى يَهُودِ يَثْرِبَ يَسْأَلُونَهُمْ وَيُسْدُونَ إِلَيْهِمْ انْتَهَى.
وَالْأَجْوَدُ أَنْ يَتَعَلَّقَ قَوْلُهُ: بِالْبَيِّنَاتِ، بِمُضْمَرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ كَأَنَّهُ قِيلَ: ثُمَّ أُرْسِلُوا؟ قَالَ:
أَرْسَلْنَاهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ، فَيَكُونُ عَلَى كَلَامَيْنِ، وَقَالَهُ: الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُمَا.
وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ: وَمَا أَرْسَلْنَا، وَهَذَا فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ النِّيَّةَ فِيهِ التَّقْدِيمُ قَبْلَ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ إِلَّا رِجَالًا حَتَّى لَا يَكُونَ مَا بَعْدَ إِلَّا مَعْمُولَيْنِ مُتَأَخِّرِينَ لَفْظًا وَرُتْبَةً، دَاخِلَيْنَ تَحْتَ الْحَصْرِ لِمَا قَبْلَهَا، وَهَذَا حَكَاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْ فِرْقَةٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ لَا يُنْوَى بِهِ التَّقْدِيمُ، بَلْ وَقَعَا بَعْدَ إِلَّا فِي نِيَّةِ الْحَصْرِ، وَهَذَا قَالَهُ الْحَوْفِيُّ وَالزَّمَخْشَرِيُّ، وَبَدَأَ بِهِ قَالَ: تَتَعَلَّقُ بِمَا أَرْسَلْنَا دَاخِلًا تَحْتَ حُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ مَعَ رِجَالًا أَيْ: وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَّا رِجَالًا بِالْبَيِّنَاتِ، كَقَوْلِكَ: مَا ضَرَبْتُ إِلَّا زَيْدًا بِالسَّوْطِ، لِأَنَّ أَصْلَهُ ضَرَبْتُ زَيْدًا بِالسَّوْطِ انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: وَفِيهِ ضَعْفٌ، لِأَنَّ مَا قَبْلَ إِلَّا لَا يَعْمَلُ فِيمَا بَعْدَهَا إِذَا تَمَّ الْكَلَامُ عَلَى إِلَّا وَمَا يَلِيهَا، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ. قَالَ الشَّاعِرُ:

[1] سورة الأنبياء: 21/ 105.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 6  صفحه : 533
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست