responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 6  صفحه : 401
وَالْمُنَاسِبُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ هُوَ الْأَوَّلُ. وَلَمْ يَذْكُرِ الزَّمَخْشَرِيُّ إِلَّا مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ قَالَ: نَأْتِي الْأَرْضَ أَرْضَ الْكُفْرِ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا بِمَا يُفْتَحُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بِلَادِهِمْ، فَيُنْقِصُ دَارَ الْحَرْبِ، وَيُزِيدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ مِنْ آيَاتِ الْغَلَبَةِ وَالنُّصْرَةِ. وَنَحْوُهُ: أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ [1] سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ [2] وَالْمَعْنَى: عليك بالبلاغ الَّذِي حَمَلْتَهُ، وَلَا تَهْتَمَّ بِمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَنَحْنُ نَكْفِيكَهُ، وَنُتِمُّ مَا وَعَدْنَاكَ مِنَ الظَّفَرِ، وَلَا يُضْجِرُكَ تَأَخُّرُهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لِمَا نَعْلَمُ مِنَ الْمَصَالِحِ الَّتِي لَا تَعْلَمُهَا، ثُمَّ طَيَّبَ نَفْسَهُ وَنَفَّسَ عَنْهَا بِمَا ذَكَرَ مِنْ طُلُوعِ تَبَاشِيرِ الظَّفَرِ. وَيَتَّجِهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: النَّقْصُ بِمَوْتِ الْأَشْرَافِ والعلماء والخيار وتقريره: أو لم يَرَوْا أَنَا نُحْدِثُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الِاخْتِلَافَاتِ خَرَابًا بَعْدَ عَمَارِهِ، وَمَوْتًا بَعْدَ حياة، وذلا بَعْدَ عِزٍّ، وَنَقْصًا بَعْدَ كَمَالٍ، وَهَذِهِ تَغْيِيرَاتٌ مُدْرَكَةٌ بِالْحِسِّ. فَمَا الَّذِي يُؤَمِّنُهُمْ أَنْ يُقَلِّبَ اللَّهُ الْأَمْرَ عَلَيْهِمْ وَيَصِيرُونَ ذَلِيلِينَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا قَاهِرِينَ.
وَقَرَأَ الضَّحَّاكُ: نُنَقِّصُهَا مُثَقَّلًا، مِنْ نَقَّصَ عَدَّاهُ بِالتَّضْعِيفِ مِنْ نَقَصَ اللَّازِمِ، وَالْمُعَقِّبُ الَّذِي يَكُرُّ عَلَى الشَّيْءِ فَيُبْطِلُهُ، وَحَقِيقَتُهُ الَّذِي يُعْقِبُهُ أَيْ: بِالرَّدِّ وَالْإِبْطَالِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ: مُعَقِّبٌ، لِأَنَّهُ يُقَفِّي غَرِيمَهُ بِالِاقْتِضَاءِ وَالطَّلَبِ. قَالَ لَبِيَدٌ:
طَلَبُ الْمُعَقِّبِ حَقَّهُ الْمَظْلُومُ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ حَكَمَ لِلْإِسْلَامِ بِالْغَلَبَةِ وَالْإِقْبَالِ، وَعَلَى الْكُفْرِ بِالْإِدْبَارِ وَالِانْتِكَاسِ. وَقِيلَ:
تَتَعَقَّبُ أَحْكَامَهُ أَيْ: يَنْظُرُ فِي أَعْقَابِهَا أَمُصِيبَةٌ هِيَ أَمْ لَا، وَالْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ: لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ: نَافِذُ حُكْمِهِ، وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ. ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ الْأُمَمَ السَّابِقَةَ كَانَ يَصْدُرُ مِنْهُمُ الْمَكْرُ بِأَنْبِيَائِهِمْ كَمَا فَعَلَتْ قُرَيْشٌ، وَأَنَّ ذَلِكَ عَادَةُ الْمُكَذِّبِينَ لِلرُّسُلِ، مَكَرَ بِإِبْرَاهِيمَ نَمْرُوذُ، وَبِمُوسَى فِرْعَوْنُ، وَبِعِيسَى الْيَهُودُ، وَجَعَلَ تَعَالَى مَكْرَهُمْ كَلَا مَكْرٍ إِذْ أَضَافَ الْمَكْرَ كُلَّهُ لَهُ تَعَالَى. وَمَعْنَى مَكْرِهِ تَعَالَى عُقُوبَتُهُ إِيَّاهُمْ، سَمَّاهَا مَكْرًا إِذْ كَانَتْ نَاشِئَةً عَنِ الْمَكْرِ وَذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَابَلَةِ كَقَوْلِهِ:
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [3] ثُمَّ فَسَّرَ قَوْلَهُ: فَلِلَّهِ الْمَكْرُ، بِقَوْلِهِ: يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ، وَالْمَعْنَى: يُجَازِي كُلَّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ. ثُمَّ هَدَّدَ الكافر بقوله: وسيعلم الْكَافِرِ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ، إِذْ يَأْتِيهِ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ هُوَ فِي غَفْلَةٍ عَنْهُ، فَحِينَئِذٍ يَعْلَمُ لِمَنْ هي العاقبة المحمودة.

[1] سورة الأنبياء: 21/ 44.
[2] سورة فصلت: 41/ 53.
[3] سورة البقرة: 2/ 15. [.....]
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 6  صفحه : 401
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست