responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 5  صفحه : 480
فَإِنْ تَكُنِ النِّسَاءُ مُخَبَّآتٍ ... فَحُقَّ لِكُلِّ مُحْصَنَةٍ هِدَاءُ
وَقَالَ آخَرُ:
كُتِبَ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ عَلَيْنَا ... وَعَلَى الْغَانِيَاتِ جَرُّ الذُّيُولِ
فَكَوْنُهُمْ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا قَاعِدِينَ مَعَ النِّسَاءِ فِي الْمَدِينَةِ أَبْلَغَ ذَمٍّ لَهُمْ وَتَهْجِينٍ، لِأَنَّهُمْ نَزَّلُوا أَنْفُسَهُمْ مَنْزِلَةَ النِّسَاءِ الْعَجَزَةِ اللَّوَاتِي لَا مُدَافَعَةَ عند هنّ وَلَا غِنًى. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: الْخَوَالِفُ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ. وَقَالَ النَّحَّاسُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ خَالِفَةً، وَهَذَا جَمْعُهُ بِحَسَبِ اللَّفْظِ، وَالْمُرَادُ أَخِسَّاءُ النَّاسِ وَأَخْلَافُهُمْ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْخَوَالِفُ جَمْعُ خَالِفٍ، فَهُوَ جَارٍ مَجْرَى فَوَارِسَ وَنَوَاكِسَ وَهَوَالِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَطُبِعَ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ بِمَا فَعَلَ بِهِمْ. وَقِيلَ: هُوَ اسْتِفْهَامٌ أَيْ: أَوَ طُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ، فَلِأَجْلِ الطَّبْعِ لَا يَفْقَهُونَ وَلَا يَتَدَبَّرُونَ وَلَا يَتَفَهَّمُونَ مَا فِي الْجِهَادِ مِنَ الْفَوْزِ وَالسَّعَادَةِ، وَمَا فِي التَّخَلُّفِ مِنَ الشَّقَاءِ وَالضَّلَالِ.
لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ: لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ أُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ اخْتَارُوا الدَّعَةَ وَكَرِهُوا الْجِهَادَ، وَفَرُّوا مِنَ الْقِتَالِ، وَذَكَرَ مَا أَثَّرَ ذَلِكَ فِيهِمْ مِنَ الطَّبْعِ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ذَكَرَ حَالَ الرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ فِي الْمُثَابَرَةِ عَلَى الْجِهَادِ، وَذَلِكَ مَا لَهُمْ مِنَ الثَّوَابِ. وَلَكِنَّ وَضْعَهَا أَنْ تَقَعَ بَيْنَ مُتَنَافِيَيْنِ. وَلَمَّا تَضَمَّنَ قَوْلُ الْمُنَافِقِينَ ذَرْنَا، وَاسْتِئْذَانُهُمْ فِي الْقُعُودِ، كَانَ ذَلِكَ تَصْرِيحًا بِانْتِفَاءِ الْجِهَادِ. فَكَأَنَّهُ قِيلَ:
رَضُوا بِكَذَا وَلَمْ يُجَاهِدُوا، وَلَكِنَّ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا. وَالْمَعْنَى: إِنْ تَخَلَّفَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ فَقَدْ تَوَجَّهَ إِلَى الْجِهَادِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَأَخْلَصُ نِيَّةً. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ [1] فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ [2] وَالْخَيْرَاتُ: جَمْعُ خَيْرَةٍ وَهُوَ الْمُسْتَحْسَنُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَيَتَنَاوَلُ مَحَاسِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِي النِّسَاءِ وَمِنْهُ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَقَدْ طَعَنْتُ مَجَامِعَ الرَّبَلَاتِ ... رَبَلَاتِ هِنْدٍ خيرة الملكات

[1] سورة الأنعام: 6/ 89.
[2] سورة فصلت: 41/ 38.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 5  صفحه : 480
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست