responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 5  صفحه : 478
فَقُدِّمَ الْوَصْفُ بِالْمَجْرُورِ ثُمَّ بِالْجُمْلَةِ، وَهُوَ مَاضٍ بِمَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ، لِأَنَّ الْمَوْتَ غَيْرُ مَوْجُودٍ لَا مَحَالَةَ. نَهَاهُ اللَّهُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَالْقِيَامِ عَلَى قَبْرِهِ وَهُوَ الْوُقُوفُ عِنْدَ قَبْرِهِ حَتَّى يُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَلَا تَتَوَلَّوْا دَفْنَهُ وَقَبْرَهُ، فَالْقَبْرُ مَصْدَرٌ.
كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ وَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ وَدَعَا لَهُ، فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُنَافِقِينَ، فَلَمْ يُصَلِّ بَعْدُ عَلَى مُنَافِقٍ، وَلَا قَامَ عَلَى قَبْرِهِ.
إِنَّهُمْ كَفَرُوا تَعْلِيلٌ لِلْمَنْعِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالْقِيَامِ بِمَا يَقْتَضِي الِامْتِنَاعَ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الْكُفْرُ وَالْمُوَافَاةُ عَلَيْهِ.
وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ: تَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ وَأُعِيدَ ذَلِكَ لِأَنَّ تَجَدُّدَ النُّزُولِ لَهُ شَأْنٌ فِي تَقْرِيرِ مَا نَزَلَ لَهُ وَتَأْكِيدِهِ، وَإِرَادَةِ أَنْ يَكُونَ عَلَى بَالٍ مِنَ الْمُخَاطَبِ لَا يَنْسَاهُ وَلَا يَسْهُو عَنْهُ، وَأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الْعَمَلَ بِهِ مُهِمٌّ يَفْتَقِرُ إِلَى فَضْلِ عِنَايَةٍ بِهِ، لَا سِيَّمَا إِذَا تَرَاخَى مَا بَيْنَ النُّزُولَيْنِ. فَأَشْبَهَ الشَّيْءَ الَّذِي أَهَمَّ صَاحِبَهُ، فَهُوَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثِهِ، وَيَتَخَلَّصُ إِلَيْهِ. وَإِنَّمَا أُعِيدَ هَذَا الْمَعْنَى لِقُوَّتِهِ فِيمَا يَجِبُ أَنْ يُحْذَرَ مِنْهُ قَالَهُ: الزَّمَخْشَرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَوَجْهُ تَكْرِيرِهَا تَوْكِيدُ هَذَا الْمَعْنَى. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَكْرِيرٌ وَلَيْسَ بِتَكْرِيرٍ، لِأَنَّ الْآيَتَيْنِ فِي فَرِيقَيْنِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَلَوْ كَانَ تَكْرِيرًا لَكَانَ مَعَ تَبَاعُدِ الْآيَتَيْنِ لِفَائِدَةِ التَّأْكِيدِ وَالتَّذْكِيرِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْأُولَى لَا تُعَظِّمُهُمْ فِي حَالِ حَيَاتِهِمْ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ، وَبِالثَّانِيَةِ لَا تُعَظِّمُهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ لِمَانِعِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ. وَقَدْ تَغَايَرَتِ الْآيَتَانِ فِي أَلْفَاظٍ هُنَا، وَلَا، وَهُنَاكَ، فَلَا وَمُنَاسَبَةُ الْفَاءِ أَنَّهُ عَقِبَ قَوْلِهِ: وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ أَيْ: لِلْإِنْفَاقِ، فَهُمْ مُعْجَبُونَ بِكَثْرَةِ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، فَنَهَاهُ عَنِ الْإِعْجَابِ بِفَاءِ التَّعْقِيبِ. وَمُنَاسَبَةُ الْوَاوِ أَنَّهُ نَهْيٌ عُطِفَ عَلَى نَهْيٍ قَبْلَهُ.
وَلَا تُصَلِّ، وَلَا تَقُمْ، وَلَا تُعْجِبْكَ، فَنَاسَبَتِ الْوَاوُ وَهُنَا وَأَوْلَادُهُمْ وَهُنَاكَ، وَلَا أَوْلَادُهُمْ، فَذِكْرُ لَا مُشْعِرٌ بِالنَّهْيِ عَنِ الْإِعْجَابِ بِكُلٍّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ على انفراد. وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ النَّهْيَ عَنِ الْمَجْمُوعِ، وَهُنَا سَقَطَتْ، فَكَانَ نَهْيًا عَنْ إِعْجَابِ الْمَجْمُوعِ. وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ النَّهْيَ عَنِ الْإِعْجَابِ بِكُلٍّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ. فَدَلَّتِ الْآيَتَانِ بِمَنْطُوقِهِمَا وَمَفْهُومِهِمَا عَلَى النَّهْيِ عَنِ الْإِعْجَابِ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ مُجْتَمِعَيْنِ وَمُنْفَرِدَيْنِ. وَهُنَا أَنْ يُعَذِّبَهُمْ، وَهُنَاكَ لِيُعَذِّبَهُمْ، فَأَتَى بِاللَّامِ مُشْعِرَةً بِالتَّعْلِيلِ. وَمَفْعُولُ يُرِيدُ مَحْذُوفٌ أَيْ: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ابْتِلَاءَهُمْ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ لِتَعْذِيبِهِمْ.
وأتى بأن لِأَنَّ مَصَبَّ الْإِرَادَةِ هُوَ التَّعْذِيبُ أَيْ: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ تَعْذِيبَهُمْ. فَقَدِ اخْتَلَفَ مُتَعَلَّقُ الْفِعْلِ فِي الْآيَتَيْنِ هَذَا الظَّاهِرُ، وَإِنْ كَانَ يُحْتَمَلُ زِيَادَةُ اللَّامِ. وَالتَّعْلِيلُ بأنّ وَهُنَاكَ الدُّنْيَا، وَهُنَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَأُثْبِتَ فِي الْحَيَاةِ عَلَى الْأَصْلِ، وَحُذِفَتْ هُنَا تَنْبِيهًا عَلَى خِسَّةِ الدُّنْيَا،

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 5  صفحه : 478
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست