responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 5  صفحه : 370
عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»
وَجُمْلَةُ بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِخْبَارٌ بِثُبُوتِ الْبَرَاءَةِ، وَجُمْلَةُ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِخْبَارٌ بِوُجُوبِ الْإِعْلَامِ بِمَا ثَبَتَ، فَافْتَرَقَتَا وَعُلِّقَتِ الْبَرَاءَةُ بِالْمُعَاهَدِينَ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِهِمْ نَاكِثِيهِمْ وَغَيْرِ نَاكِثِيهِمْ، وَعُلِّقَ الْأَذَانُ بِالنَّاسِ لِشُمُولِهِ مُعَاهَدًا وَغَيْرَهُ نَاكِثًا، وَغَيْرَهُ مُسْلِمًا وَكَافِرًا، هَذَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ لِلْكَفَّارِ بِدَلِيلِ آخِرِ الْآيَةِ، وَبِدَلِيلِ مُنَادَاةِ عَلِيٍّ بِالْجُمَلِ الْأَرْبَعِ. فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِتِلْكَ الْجُمَلِ الْكُفَّارُ، وَلَمَّا كَانَ الْمَجْرُورُ خَبَرًا عَنْ قَوْلِهِ وَأَذَانٌ، كَانَ بِإِلَى أَيْ مُفْتَدٍ إِلَى النَّاسِ وَوَاصِلٌ إِلَيْهِمْ. وَلَوْ كَانَ الْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ لَكَانَ بِاللَّامِ، وَمِنْ فِي مِنَ الْمُشْرِكِينَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ بَرِيءٌ تَعَلُّقَ الْمَفْعُولِ. تَقُولُ: بَرِئْتُ مِنْكَ، وَبَرِئْتُ مِنَ الدِّينِ بِخِلَافِ مِنْ فِي قَوْلِهِ: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ، فَإِنَّهَا فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ فَإِنْ تُبْتُمْ أَيْ: من الشرك الموجب لتبرىء اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْكُمْ. فَهُوَ أَيْ التَّوْبُ خَيْرٌ لَكُمْ فِي الدُّنْيَا لِعِصْمَةِ أَنْفُسِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَفِي الْآخِرَةِ لِدُخُولِكُمُ الْجَنَّةَ وَخَلَاصِكُمْ مِنَ النَّارِ. وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَيْ عَنِ الْإِسْلَامِ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ أَيْ لا تفوتوته عَمَّا يَحِلُّ بِكُمْ مِنْ نَقِمَاتِهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ جَعَلَ الْإِنْذَارَ بِشَارَةً عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ بِهِمْ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَامٌّ يَشْمَلُ الْمُشْرِكِينَ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ وَغَيْرَهُمْ، وَفِي هَذَا وَعِيدٌ عَظِيمٌ بِمَا يَحِلُّ بِهِمْ.
إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ قَالَ قَوْمٌ: هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، التَّقْدِيرُ: لَكِنَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ فَثَبَتُوا عَلَى الْعَهْدِ أَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ. وَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمُ الزَّجَّاجُ:
هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ مِنْ قَوْلِهِ: إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَجْهُهُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ [1] لِأَنَّ الْكَلَامَ خِطَابٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَمَعْنَاهُ:
بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقُولُوا لَهُمْ: سِيحُوا، إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْهُمْ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُضُوا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ. وَالِاسْتِثْنَاءُ بِمَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ، كَأَنَّهُ قِيلَ بَعْدَ أَنْ أُمِرُوا فِي النَّاكِثِينَ: وَلَكِنَّ الَّذِينَ لَمْ يَنْكُثُوا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ وَلَا تُجْرُوهُمْ مَجْرَاهُمْ، وَلَا تَجْعَلُوا الْوَفِيَّ كَالْغَادِرِ. وَقِيلَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ، وَقَبْلُهُ جُمْلَةٌ مَحْذُوفَةٌ تَقْدِيرُهَا: اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ الْمُعَاهَدِينَ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ، وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا لِطُولِ الْفَصْلِ بِجُمَلٍ كَثِيرَةٍ بَيْنَ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَبَيْنَهُ.
قَالَ

[1] سورة براءة: 9/ 2.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 5  صفحه : 370
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست