responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 5  صفحه : 311
حِكْمَةَ قَوْلِهِمْ مِنَ السَّماءِ هِيَ مُقَابَلَتُهُمْ مَجِيءَ الْأَمْطَارِ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي ذُكِرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ جِهَتِهَا أَيْ إِنَّكَ تَذْكُرُ أَنَّهُ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ فَأْتِنَا بِعَذَابٍ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي يَأْتِيكَ مِنْهَا الْوَحْيُ إِذْ كَانَ يَحْسُنُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ إِرْسَالِ الْحِجَارَةِ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ السَّمَاءِ بِقَوْلِهِمْ: فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً، وَقَالُوا ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِبْعَادِ وَالِاعْتِقَادِ أن ما أتي به لَيْسَ بِحَقٍّ، وَقِيلَ عَلَى سَبِيلِ الْحَسَدِ وَالْعِنَادِ مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهُ حَقٌّ وَاسْتَبْعَدَ هَذَا الثَّانِيَ ابْنُ فُورَكٍ قَالَ: وَلَا يَقُولُ هَذَا عَلَى وَجْهِ الْعِنَادِ عَاقِلٌ انْتَهَى، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ [1] وَقِصَّةِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ وَأَحْبَارِ الْيَهُودِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ:
فَلَمَّا جاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ [2] ،
وَقَوْلُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ: «وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ»
أَوْ كَلَامٌ يُقَارِبُهُ وَاقْتِرَاحُهُمْ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ هُوَ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ اقْتِرَاحُ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ، وَسَأَلَ يَهُودِيٌّ ابْنَ عَبَّاسٍ مِمَّنْ أَنْتَ قَالَ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ أَنْتَ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ الْآيَةَ، فَهَلَّا قَالُوا فَاهْدِنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَنْتَ يَا إِسْرَائِيلِيٌّ مِنَ الَّذِينَ لَمْ تَجِفَّ أَرْجُلُهُمْ مِنْ بَلَلِ الْبَحْرِ الَّذِي أُغْرِقَ فِيهِ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَنَجَا مُوسَى وَقَوْمُهُ حَتَّى قَالُوا اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [3] فَأَطْرَقَ الْيَهُودِيُّ مُفْحَمًا، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنَ سَبَأٍ مَا أَجْهَلَ قَوْمَكَ حِينَ مَلَّكُوا عَلَيْهِمُ امْرَأَةً فَقَالَ أَجْهَلُ مِنْ قَوْمِي قَوْمُكَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَعَاهُمْ إِلَى الْحَقِّ إِنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ الْآيَةَ، وَلَمْ يَقُولُوا: فَاهْدِنَا لَهُ.
وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ إِلَى يَعْلَمُونَ بِمَكَّةَ، وَقِيلَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ حِكَايَةً عَمَّا حَصَلَ فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ أَبْزَى: الْجُمْلَةُ الْأُولَى بِمَكَّةَ إِثْرَ قَوْلِهِ بِعَذابٍ أَلِيمٍ وَالثَّانِيَةُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ فِي طَرِيقِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَدْ بَقِيَ بِمَكَّةَ مُؤْمِنُونَ يَسْتَغْفِرُونَ، وَالثَّالِثَةُ بَعْدَ بَدْرٍ عِنْدَ ظُهُورِ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ وَلَمَّا عَلَّقُوا إِمْطَارَ الْحِجَارَةِ أَوِ الْإِتْيَانَ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ عَلَى تَقْدِيرِ كَيْنُونَةِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّو الْعَذَابِ لَكِنَّهُ لَا يُعَذِّبُهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ إِكْرَامًا لَهُ وَجَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ تَعَالَى مَعَ مُكَذِّبِي أَنْبِيَائِهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ وَأَنْبِيَاؤُهُمْ مُقِيمُونَ فِيهِمْ عَذَابًا يَسْتَأْصِلُهُمْ فِيهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ تُعَذَّبْ أُمَّةٌ قَطُّ وَنَبِيُّهَا فِيهَا وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْمُتَأَوِّلِينَ فَالْمَعْنَى فَمَا كَانَتْ لِتُعَذَّبَ أُمَّتُكَ وَأَنْتَ فِيهِمْ بَلْ كَرَامَتُكَ عِنْدَ رَبِّكَ أَعْظَمُ وَقَالَ تَعَالَى وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [4] وَمِنْ رَحْمَتِهِ تَعَالَى أَنْ لَا يعذّبهم والرسول فيهما

[1] سورة النمل: 27/ 14. [.....]
[2] سورة البقرة: 2/ 89.
[3] سورة الأعراف: 7/ 138.
[4] سورة الأنبياء: 21/ 107.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 5  صفحه : 311
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست