responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 5  صفحه : 238
قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ. أَيِ اللَّهُ اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِهَا وَلَمَّا كَانَ السُّؤَالُ عَنِ السَّاعَةِ عُمُومًا ثُمَّ خُصِّصَ بِالسُّؤَالِ عَنْ وَقْتِهَا جَاءَ الْجَوَابُ عُمُومًا عَنْهَا بِقَوْلِهِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي ثُمَّ خُصِّصَتْ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ فَقِيلَ لَا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ وَعِلْمُ السَّاعَةِ مِنَ الْخَمْسِ الَّتِي نُصَّ عَلَيْهَا مِنَ الْغَيْبِ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ وَالْمَعْنَى لَا يُظْهِرُهَا وَيَكْشِفُهَا لِوَقْتِهَا الَّذِي قُدِّرَ أَنْ تَكُونَ فِيهِ إِلَّا هُوَ قَالُوا: وَحِكْمَةُ إِخْفَائِهَا أَنَّهُمْ يَكُونُونَ دَائِمًا عَلَى حَذَرٍ فَإِخْفَاؤُهَا أَدْعَى إِلَى الطَّاعَةِ وَأَزْجَرُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ كَمَا أَخْفَى الْأَجَلَ الْخَاصَّ وَهُوَ وَقْتُ الْمَوْتِ لِذَلِكَ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هو أي لَا تَزَالُ خَفِيَّةً وَلَا يظهر أمرها ولا يكشف خَفَاءَ عِلْمِهَا إِلَّا هُوَ وَحْدَهُ إِذَا جَاءَ بِهَا فِي وَقْتِهَا بَغْتَةً لَا يُجَلِّيها بالخبر عنها، قل: مَجِيئِهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ لِاسْتِمْرَارِ الْخَفَاءِ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ إِلَى وَقْتِ وُقُوعِهَا انْتَهَى، وَهُوَ كَلَامٌ فِيهِ تَكْثِيرٌ وَعُجْمَةٌ.
ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ مَعْنَاهُ ثَقُلَتْ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْفُسِهَا لِتَفَطُّرِ السموات وَتَبَدُّلِ الْأَرْضِ وَنَسْفِ الْجِبَالِ، وَقَالَ الْحَسَنُ ثَقُلَتْ لِهَيْبَتِهَا وَالْفَزَعِ مِنْهَا عَلَى أَهْلِ السموات وَالْأَرْضِ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: مَعْنَى ثَقُلَتْ خَفِيَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَلَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ الْمُرْسَلِينَ مَتَى تَكُونُ وَمَا خَفِيَ أَمْرُهُ ثَقُلَ عَلَى النُّفُوسِ انْتَهَى، وَيُعَبَّرُ بِالثِّقَلِ عَنِ الشِّدَّةِ وَالصُّعُوبَةِ كَمَا قَالَ:
ويَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلًا [1] أَيْ شَدِيدًا صَعْبًا وَأَصْلُهُ أَنْ يَتَعَدَّى بِعَلَى تَقُولُ ثَقُلَ عَلَيَّ هَذَا الْأَمْرُ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
ثَقِيلٌ عَلَى الْأَعْدَاءِ فَإِمَّا أَنْ يُدَّعَى أَنَّ فِي بِمَعْنَى عَلَى كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [2] أَيْ وَيُضَمَّنُ ثَقُلَتْ مَعْنَى يَتَعَدَّى بِفِي، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَيْ كُلٌّ مِنْ أَهْلِهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالثَّقَلَيْنِ أَهَمَّهُ شَأْنُ السَّاعَةِ وَوَدَّ أَنْ يَتَجَلَّى لَهُ عِلْمُهَا وَشَقَّ عَلَيْهِ خَفَاؤُهَا وَثَقُلَ عَلَيْهِ أَوْ ثَقُلَتْ فِيهِمَا لِأَنَّ أَهْلَهُمَا يَتَوَقَّعُونَهَا وَيَخَافُونَ شَدَائِدَهَا وَأَهْوَالَهَا وَلِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَا يُطِيقُهَا ولا يقوم لَهَا فَهِيَ ثَقِيلَةٌ فِيهِمَا.
لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً أَيْ فَجْأَةً عَلَى غَفْلَةٍ مِنْكُمْ وَعَدَمِ شُعُورٍ بِمَجِيئِهَا وهذا خطاب

[1] سورة الإنسان: 76/ 27.
[2] سورة طه: 20/ 71.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 5  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست