responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 5  صفحه : 233
وَقَالَ الْجُبَّائِيُّ: هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا يَخْلُوَ زَمَانٌ أَلْبَتَّةَ مِمَّنْ يَقُومُ بِالْحَقِّ وَيَعْمَلُ بِهِ ويهذي إِلَيْهِ وَأَنَّهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَزْمِنَةِ عَلَى الْبَاطِلِ انْتَهَى، وَالْآيَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى مَا زَعَمَ الْجُبَّائِيُّ وَمَا قَالَهُ مُخَالِفٌ لِمَا
رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ اللَّهُ اللَّهُ وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُسَرَّى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَلَا يُبْقَى مِنْهُ حَرْفٌ
أَوْ كَمَا قَالَ: وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ. قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ:
سَنَطْوِي أَعْمَارَهُمْ فِي اغْتِرَارٍ مِنْهُمْ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الِاسْتِدْرَاجُ أَنْ تَدْرُجَ إِلَى الشَّيْءِ فِي خُفْيَةٍ قَلِيلًا قَلِيلًا وَلَا تَهْجُمَ عَلَيْهِ وَأَصْلُهُ مِنَ الدَّرَجَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الرَّاقِيَ وَالنَّازِلَ يَرْقَى وَيَنْزِلُ مِرْقَاةً مِرْقَاةً وَمِنْهُ دَرَجَ الْكِتَابَ طَوَاهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَدَرَجَ الْقَوْمُ مَاتُوا بَعْضُهُمْ فِي إِثْرِ بَعْضٍ، وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هُوَ أَنْ يُذِيقَهُمْ مِنْ بَأْسِهِ قَلِيلًا قَلِيلًا مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَلَا يُتَابِعُهُمْ بِهِ وَلَا يُجَاهِرُهُمْ، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ سَنَأْخُذُهُمْ قَلِيلًا قَلِيلًا مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْتَحُ بَابًا مِنَ النِّعْمَةِ يَغْتَبِطُونَ بِهِ وَيَرْكَنُونَ إِلَيْهِ ثُمَّ يَأْخُذُهُمْ عَلَى غِرَّتِهِمْ أَغْفَلَ مَا يَكُونُ انْتَهَى وَمِنْهُ دَرَجَ الصَّبِيُّ إِذَا قَارَبَ بَيْنَ خُطَاهُ وَالْمَعْنَى سَنَسْتَرِقُهُمْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَدَرَجَةً بَعْدَ دَرَجَةٍ بِالنِّعَمِ عَلَيْهِمْ وَالْإِمْهَالِ لَهُمْ حَتَّى يَغْتَرُّوا وَيَظُنُّوا أَنَّهُمْ لَا يَنَالُهُمْ عِقَابٌ، وَقَالَ الْجُبَّائِيُّ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ إِلَى الْعُقُوبَاتِ حَتَّى يَقَعُوا فِيهَا مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ اسْتِدْرَاجًا لَهُمْ إِلَى ذَلِكَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْعَذَابُ فِي الدُّنْيَا كَالْقَتْلِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَذَابَ الْآخِرَةِ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَمَعْنَى سَنَسْتَدْرِجُهُمْ سَنَسْتَدِينُهُمْ قَلِيلًا قَلِيلًا إِلَى مَا يُهْلِكُهُمْ وَيُضَاعِفُ عِقَابَهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ مَا يُرَادُ بِهِمْ وَذَلِكَ أَنْ يُوَاتِرَ اللَّهُ نِعْمَةً عَلَيْهِمْ مَعَ انْهِمَاكِهِمْ فِي الْغَيِّ فَكُلَّمَا جَدَّدَ عَلَيْهِمْ نِعْمَةً ازْدَادُوا بَطَرًا وَجَدَّدُوا مَعْصِيَةً فَيَتَدَرَّجُونَ فِي الْمَعَاصِي بِسَبَبِ تَرَادُفِ النِّعَمِ ظَانِّينَ أَنَّ مُوَاتَرَةَ النِّعَمِ أَثَرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَتَقْرِيبٌ، وَإِنَّمَا هِيَ خِذْلَانٌ مِنْهُ وَتَبْعِيدٌ فَهَذَا اسْتِدْرَاجُ اللَّهِ نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ، مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ قِيلَ: بِالِاسْتِدْرَاجِ، وَقِيلَ: بِالْهَلَاكِ، وَقَرَأَ النَّخَعِيُّ وَابْنُ وَثَّابٍ: سَيَسْتَدْرِجُهُمْ بِالْيَاءِ فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الالتفات وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ ضَمِيرَ التَّكْذِيبِ الْمَفْهُومِ مِنْ كَذَّبُوا أَيْ سَيَسْتَدْرِجُهُمْ هُوَ أَيِ التَّكْذِيبُ قَالَ الْأَعْشَى فِي الِاسْتِدْرَاجِ:
فَلَوْ كُنْتَ فِي جُبٍّ ثَمَانِينَ قَامَةً ... وَرُقِّيتَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ
لَيَسْتَدْرِجَنْكَ الْقَوْلُ حَتَّى تَهُزَّهُ ... وَتَعْلَمَ أَنِّي عَنْكُمُ غَيْرُ مُفْحِمِ
وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ مَعْطُوفٌ عَلَى سَنَسْتَدْرِجُهُمْ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَهُوَ خُرُوجٌ مِنْ ضَمِيرِ التَّكَلُّمِ بِنُونِ الْعَظَمَةِ إِلَى ضَمِيرِ تَكَلُّمِ الْمُفْرَدِ وَالْمَعْنَى

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 5  صفحه : 233
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست