responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 578
مَنْ آمَنَ بِالرَّسُولِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُمُ الْفُرْسُ وَالْآيَةُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فُسِّرَ بِهَا مَخْصُوصُونَ فَمَعْنَاهَا عَامٌّ فِي الْكَفَرَةِ وَالْمُؤْمِنِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ الْإِشَارَةُ بِأُولَئِكَ إِلَى الْمُشَارِ إِلَيْهِمْ بِأُولَئِكَ الْأُولَى وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ السَّابِقُ ذِكْرُهُمْ وَأَمَرَهُ تَعَالَى أَنْ يَقْتَدِيَ بِهُدَاهُمْ، وَالْهِدَايَةُ السَّابِقَةُ هِيَ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقْدِيسُهُ عَنِ الشَّرِيكِ، فَالْمَعْنَى فَبِطَرِيقَتِهِمْ فِي الْإِيمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَتَوْحِيدِهِ وَأُصُولِ الدِّينِ دُونَ الشَّرَائِعِ، فَإِنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْمَرَ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْمُخْتَلِفَةِ وَهِيَ هُدَى مَا لَمْ تُنْسَخْ فَإِذَا نُسِخَتْ لَمْ تَبْقَ هُدًى بِخِلَافِ أُصُولِ الدِّينِ فَإِنَّهَا كُلُّهَا هُدًى أَبَدًا. وَقَالَ تَعَالَى: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً [1] . وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ بِأُولَئِكَ إِلَى قَوْماً وَذَلِكَ يَتَرَتَّبُ عَلَى بَعْضِ التَّأْوِيلَاتِ فِي الْمُرَادِ بِالْقَوْمِ عَلَى بَعْضِهَا انْتَهَى، وَيَعْنِي أَنَّهُ إِذَا فُسِّرَ الْقَوْمُ بِالْأَنْبِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ أَوْ بِالْمَلَائِكَةِ فَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى قَوْمٍ وَإِنْ فُسِّرُوا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ، وَقِيلَ: الِاقْتِدَاءُ فِي الصَّبْرِ كَمَا صَبَرَ مَنْ قَبْلَهُ، وَقِيلَ: يُحْمَلُ عَلَى كُلِّ هُدَاهُمْ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، وَقِيلَ: فِي الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى وَالْعَفْوِ، وَقَالَ: فِي رَيِّ الظَّمْآنِ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَأَمَرَ بِتَوْبَةِ آدَمَ وَشُكْرِ نُوحٍ وَوَفَاءِ إِبْرَاهِيمَ وَصِدْقِ وَعْدِ إِسْمَاعِيلَ وَحِلْمِ إِسْحَاقَ وَحُسْنِ ظَنِّ يَعْقُوبَ؟
وَاحْتِمَالِ يُوسُفَ وَصَبْرِ أَيُّوبَ وإثابة دَاوُدَ وَتَوَاضُعِ سُلَيْمَانَ وَإِخْلَاصِ مُوسَى وَعِبَادَةِ زَكَرِيَّا وَعِصْمَةِ يَحْيَى وَزُهْدِ عِيسَى، وَهَذِهِ الْمَكَارِمُ الَّتِي فِي جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ اجْتَمَعَتْ فِي الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَلِذَلِكَ وَصَفَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [2] .
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ فَاخْتَصَّ هُدَاهُمْ بِالِاقْتِدَاءِ وَلَا يُقْتَدَى إِلَّا بِهِمْ، وَهَذَا بِمَعْنَى تَقْدِيمِ الْمَفْعُولِ وَهَذَا عَلَى طَرِيقَتِهِ فِي أَنَّ تَقْدِيمَ الْمَفْعُولِ يُوجِبُ الِاخْتِصَاصَ وَقَدْ رَدَدْنَا عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى إِيَّاكَ نَعْبُدُ [3] . وَقَرَأَ الْحَرَمِيَّانِ وَأَهْلُ حَرَمَيْهِمَا وَأَبُو عَمْرٍو اقْتَدِهْ بِالْهَاءِ سَاكِنَةً وَصْلًا وَوَقْفًا وَهِيَ هَاءُ السَّكْتِ أَجْرَوْهَا وَصْلًا مَجْرَاهَا وَقْفًا، وَقَرَأَ الْأَخَوَانِ بِحَذْفِهَا وَصْلًا وَإِثْبَاتِهَا وَقْفًا وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ، وَقَرَأَ هِشَامٌ اقْتَدِهْ بِاخْتِلَاسِ الْكَسْرَةِ فِي الْهَاءِ وَصْلًا وَسُكُونِهَا وَقْفًا، وَقَرَأَ ابْنُ ذَكْوَانَ بِكَسْرِهَا وَوَصْلِهَا بِيَاءٍ وَصْلًا وَسُكُونِهَا وَقْفًا وَيُؤَوَّلُ عَلَى أَنَّهَا ضَمِيرُ الْمَصْدَرِ لَا هَاءُ السكت، وتغليظ ابْنِ مُجَاهِدٍ قِرَاءَةَ الْكَسْرِ غَلَطٌ مِنْهُ وَتَأْوِيلُهَا عَلَى أَنَّهَا هَاءُ السَّكْتِ ضَعِيفٌ.

[1] سورة المائدة: 5/ 48.
[2] سورة القلم: 68/ 4.
[3] سورة الفاتحة: 1/ 4.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 578
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست