responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 215
مُوسَى. وَنِعْمَةُ اللَّهِ يُرَادُ بِهَا الْجِنْسُ، وَالْمَعْنَى: وَاذْكُرْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ عَلَى جِهَةِ إِعْلَامِهِمْ بِغَيْبِ كُتُبِهِمْ لِيَتَحَقَّقُوا نُبُوَّتَكَ. وَيَنْتَظِمُ فِي ذَلِكَ ذِكْرُ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَتَلَقِّيهِمْ تِلْكَ النِّعَمِ بِالْكُفْرِ وَقِلَّةِ الطَّاعَةِ. وَعَدَّدَ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعَمِهِ ثَلَاثًا: الْأُولَى: جَعْلُ أَنْبِيَاءَ فِيهِمْ وَذَلِكَ أَعْظَمُ الشَّرَفِ، إِذْ هُمُ الْوَسَائِطُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، وَالْمُبَلِّغُونَ عَنِ اللَّهِ شَرَائِعَهُ. قِيلَ: لَمْ يُبْعَثْ فِي أُمَّةٍ مَا بُعِثَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. وَقَالَ ابْنُ السَّائِبِ وَمُقَاتِلٌ: الْأَنْبِيَاءُ هُنَا هُمُ السَّبْعُونَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ مُوسَى لِمِيقَاتِ رَبِّهِ، وَكَانُوا مِنْ خِيَارِ قَوْمِهِ. وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ أُرْسِلُوا مِنْ بَعْدُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمُوسَى ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ جَعَلَ لَا يُرَادُ بِهَا حَقِيقَةُ الْمَاضِي بِالْفِعْلِ، إِذْ بَعْضُهُمْ كَانَ قَدْ ظَهَرَ عِنْدَ خِطَابِ مُوسَى إِيَّاهُمْ، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يُخْلَقْ بَلْ أَخْبَرَ أَنَّهُ سَيَكُونُ فِيهِمْ. الثَّانِيَةُ: جَعْلُهُمْ مُلُوكًا ظَاهِرُهُ الِامْتِنَانُ عَلَيْهِمْ بِأَنْ جَعَلَهُمْ مُلُوكًا إِذْ جَعَلَ مِنْهُمْ مُلُوكًا، إِذِ الْمُلْكُ شَرَفٌ فِي الدُّنْيَا وَاسْتِيلَاءٌ، فَذَكَّرَهُمْ بِأَنَّ مِنْهُمْ قَادَةَ الْآخِرَةِ وَقَادَةَ الدُّنْيَا. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ: وَجَعَلَكُمْ أَحْرَارًا تَمْلِكُونَ وَلَا تُمْلَكُونَ، إِذْ كُنْتُمْ خَدَمًا لِلْقِبْطِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهُمْ، فسمي استنقاذكم مُلْكًا. وَقَالَ قَوْمٌ: جَعَلَهُمْ مُلُوكًا بِإِنْزَالِ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى عَلَيْهِمْ وَتَفْجِيرِ الْحَجَرِ لَهُمْ، وَكَوْنِ ثِيَابِهِمْ لَا تَبْلَى ولا تنسخ وَتَطُولُ كُلَّمَا طَالُوا، فَهُمْ مُلُوكٌ لِرَفْعِ هَذِهِ الْكُلَفِ عَنْهُمْ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مُلُوكًا لِأَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَ الْخُدَّامَ وَاقْتَنَوُا الْأَرِقَّاءَ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَقَتَادَةُ: وَإِنَّمَا قَالَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا، لِأَنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ خَدَمَهُ آخَرُ مِنْ بَنِي آدَمَ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ الْقِبْطَ كَانُوا يَسْتَخْدِمُونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَظَاهِرُ أَمْرِ بَنِي آدَمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ يُسَخِّرُ بعضا مدة تَنَاسَلُوا وَكَثُرُوا انْتَهَى.
وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَالْحَسَنُ، وَمُجَاهِدٌ، وَجَمَاعَةٌ: مَنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَامْرَأَةٌ وَخَادِمٌ فَهُوَ مَلِكٌ. وَقِيلَ: مَنْ لَهُ مَسْكَنٌ وَلَا يُدْخَلُ عَلَيْهِ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنٍ فَهُوَ مَلِكٌ. وَقِيلَ: مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَخَادِمٌ، وَرُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وقال عكرمة: مَنْ مَلَكَ عِنْدَهُمْ خَادِمًا وَبَيْتًا دُعِيَ عِنْدَهُمْ مَلِكًا. وَقِيلَ: مِنْ لَهُ مَنْزِلٌ وَاسِعٌ فِيهِ مَاءٌ جَارٍ. وَقِيلَ: مَنْ لَهُ مَالٌ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى تَكَلُّفِ الْأَعْمَالِ وَتَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ. وَقِيلَ: مُلُوكٌ لِقَنَاعَتِهِمْ، وَهُوَ مُلْكٌ خَفِيٌّ. وَلِهَذَا جَاءَ
فِي الْحَدِيثِ: «الْقَنَاعَةُ كَنْزٌ لَا يَنْفَدُ» .
وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا أَنْفُسَهُمْ وَذَادُوهَا عَنِ الْكُفْرِ وَمُتَابَعَةِ فِرْعَوْنَ. وَقِيلَ: مَلَكُوا شَهَوَاتِ أَنْفُسِهِمْ ذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ التِّبْرِيزِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ.
الثَّالِثَةُ: إِيتَاؤُهُ إِيَّاهُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَا رَوَى عَنْهُ مُجَاهِدٌ:
بِالْمَنِّ وَالسَّلْوَى، وَالْحَجَرِ، وَالْغَمَامِ. وَرَوَى عَنْهُ عَطَاءٌ الدَّارُ وَالزَّوْجَةُ وَالْخَادِمُ. وَقِيلَ: كَثْرَةُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست