responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 3  صفحه : 588
دُونَ السِّفَاحِ. وَظَاهِرُ الْآيَةِ غَيْرُ هَذَا الَّذِي فَهِمَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَعَالَى أَحَلَّ لَنَا ابْتِغَاءَ مَا سِوَى الْمُحَرَّمَاتِ السَّابِقِ ذِكْرُهَا بِأَمْوَالِنَا حَالَةَ الْإِحْصَانِ، لَا حَالَةَ السِّفَاحِ. وَعَلَى هَذَا الظَّاهِرِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْرَبَ: أَنْ تَبْتَغُوا مَفْعُولًا لَهُ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ، لِأَنَّهُ فَاتَ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الْمَفْعُولِ لَهُ، وَهُوَ اتِّحَادُ الْفَاعِلِ فِي الْعَامِلِ وَالْمَفْعُولِ لَهُ. لِأَنَّ الْفَاعِلَ بِقَوْلِهِ: وَأُحِلَّ، هُوَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْفَاعِلُ فِي: أَنْ تَبْتَغُوا، هُوَ ضَمِيرُ الْمُخَاطَبِينَ، فَقَدِ اخْتَلَفَا.
وَلَمَّا أَحَسَّ الزَّمَخْشَرِيُّ إِنْ كَانَ أَحَسَّ بِهَذَا، جَعَلَ أَنْ تَبْتَغُوا عَلَى حَذْفِ إِرَادَةٍ حَتَّى يَتَّحِدَ الْفَاعِلُ فِي قَوْلِهِ: وَأُحِلَّ، وَفِي الْمَفْعُولِ لَهُ، وَلَمْ يَجْعَلْ أَنْ تَبْتَغُوا مَفْعُولًا لَهُ إِلَّا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَإِقَامَتِهِ مَقَامَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ خُرُوجٌ عَنِ الظَّاهِرِ لِغَيْرِ دَاعٍ إِلَى ذَلِكَ. وَمَفْعُولُ تَبْتَغُوا مَحْذُوفٌ اخْتِصَارًا، إِذْ هُوَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ: مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ، وَتَقْدِيرُهُ: أَنْ تَبْتَغُوهُ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (فَإِنْ قُلْتَ) : أَيْنَ مَفْعُولُ تَبْتَغُوا؟ (قُلْتُ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّرًا وَهُوَ: النِّسَاءُ، وَأَجُودُ أَنْ لَا يُقَدَّرَ. وَكَأَنَّهُ قِيلَ: أَنْ تُخْرِجُوا أَمْوَالَكُمْ انْتَهَى كَلَامُهُ. فَأَمَّا تَقْدِيرُهُ: إِذَا كَانَ مُقَدَّرًا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّهُ لَمَّا جَعَلَهُ مَفْعُولًا لَهُ غَايَرَ بَيْنَ مُتَعَلِّقِ الْمَفْعُولِ لَهُ وَبَيْنَ مُتَعَلِّقِ الْمَعْلُولِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَأَجُودُ أَنْ لَا يُقَدَّرَ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ: أَنْ تُخْرِجُوا أَمْوَالَكُمْ، فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ، لِأَنَّ مَدْلُولَ تَبْتَغُوا لَيْسَ مَدْلُولَ تُخْرِجُوا، وَلِأَنَّ تَعَدِّي تَبْتَغُوا إِلَى الْأَمْوَالِ بِالْبَاءِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ الْمَفْعُولِ بِهِ الصَّرِيحِ، كَمَا هُوَ فِي تُخْرِجُوا، وَهَذَا كُلُّهُ تَكَلُّفٌ يَنْبَغِي أَنْ يُنَزَّهَ كِتَابُ اللَّهِ عَنْهُ.
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: بِأَمْوَالِكُمْ، أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُسَمَّى مَالًا وَإِنْ قَلَّ وَهُوَ قَوْلُ: أَبِي سعيد، والحسن، وابن المسيب، وعطاء، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وربيعة قَالُوا: يَجُوزُ النِّكَاحُ عَلَى قَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ.
وَقِيلَ: لَا مَهْرَ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَرُوِيَ عَنْ عليّ
، والشعبي، والنخعي، فِي آخَرِينَ مِنَ التَّابِعِينَ. وَهُوَ قَوْلُ: أَبِي حَنِيفَةَ، وأبي يوسف، وزفر، والحسن، ومحمد بْنِ زِيَادٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: أَقَلُّ الْمَهْرِ رُبُعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةٌ دَرَاهِمَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ: من كَانَ لَهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ لَا يُقَالُ عِنْدَهُ مَالٌ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: بِأَمْوَالِكُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ مَنْفَعَةً، لَا تَعْلِيمَ قُرْآنٍ وَلَا غَيْرَهُ، وَقَدْ أَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ خِدْمَتَهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ. وَأَجَازَ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيمَ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ الشَّافِعِيُّ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ: مَالِكٌ وَاللَّيْثُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَحُجَجُهُمْ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَفِي كُتُبِ أحكام القرآن.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 3  صفحه : 588
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست