responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 3  صفحه : 250
وَالتَّفْوِيضُ إِلَيْهِ، وَهُوَ مَطْلُوبٌ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ وَشَرِيعَةٍ، وَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ بِالتَّوْحِيدِ، وَإِسْلَامِ الْوَجْهِ لِلَّهِ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْإِسْلَامِ شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ مَنْ تَحَرَّى بَعْدَ مَبْعَثِهِ شَرِيعَةً غَيْرَ شَرِيعَتِهِ فَغَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ، وَهُوَ الدِّينُ الَّذِي وَافَقَ فِي مُعْتَقَدَاتِهِ دِينَ مَنْ ذَكَرَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ.
قِيلَ: وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا نَزَلَتْ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى «1» الْآيَةَ أَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهَا: وَمَنْ يَبْتَغِ الْآيَةَ. وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى نَسْخِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا [2] .
وَعَنْ عِكْرِمَةَ: لَمَّا نَزَلَتْ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ أَسْلَمْنَا قَبْلَكَ وَنَحْنُ الْمُسْلِمُونَ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: حُجَّهُمْ يَا مُحَمَّدُ، وَأَنْزَلَ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [3] فَحَجَّ الْمُسْلِمُونَ وَقَعَدَ الْكُفَّارُ.
وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، وَسَتَأْتِي قِصَّتُهُ بَعْدَ هَذَا. وَقَبُولُ الْعَمَلِ هُوَ رِضَاهُ وَإِثَابَةُ فَاعِلِهِ عَلَيْهِ.
وَانْتَصَبَ: دِينًا عَلَى التمييز: لغير، لِأَنَّ: غَيْرَ، مُبْهَمَةٌ، فَفُسِّرَتْ بِدِينٍ، كَمَا أَنَّ مِثْلًا مُبْهَمَةٌ فَتُفَسَّرُ أَيْضًا. وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ: لَنَا غَيْرُهَا إِبِلًا وَشَاءَ، وَمَفْعُولُ: يَبْتَغِ هُوَ: غَيْرَ، وَقِيلَ:
دِينًا، مَفْعُولٌ، و: غير، مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ لِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ كَانَ نَعْتًا. وَقِيلَ: دِينًا، بَدَلٌ مِنْ:
غَيْرَ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى إِظْهَارِ الْغَيْنَيْنِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْإِدْغَامُ.
وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ الْخُسْرَانُ فِي الْآخِرَةِ هُوَ حِرْمَانُ الثَّوَابِ وَحُصُولُ الْعِقَابِ، شُبِّهَ فِي تَضْيِيعِ زَمَانِهِ فِي الدُّنْيَا بِاتِّبَاعِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ بِالَّذِي خَسِرَ فِي بِضَاعَتِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ قَدْ عُطِفَتْ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ، فَيَكُونُ قَدْ تَرَتَّبَ عَلَى ابْتِغَاءِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ دِينًا عَدَمُ الْقَبُولِ وَالْخُسْرَانِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلَيْهِ بَلْ هِيَ اسْتِئْنَافُ إِخْبَارٍ عَنْ حَالِهِ فِي الْآخِرَةِ.
وَ: فِي الْآخِرَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، أَيْ: وَهُوَ خَاسِرٌ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ:
بِإِضْمَارِ أَعْنِي، أو: بالخاسرين عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لَيْسَتْ مَوْصُولَةً بَلْ لِلتَّعْرِيفِ، كَهِيَ فِي: الرَّجُلِ، أَوْ: بِهِ عَلَى أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ، وَتُسُومِحَ فِي الظَّرْفِ وَالْمَجْرُورِ لِأَنَّهُ يَتَّسِعُ فِيهِمَا مَا لَا يَتَّسِعُ فِي غَيْرِهِمَا، وَكُلٌّ مَنْقُولٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا نَظِيرُهُ.
كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ

(2- 1) سورة البقرة: 2/ 62.
[3] سورة آل عمران: 3/ 97.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 3  صفحه : 250
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست