responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 3  صفحه : 211
ذَلِكَ عَلَى الْيَهُودِ، فَقَالَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَأَصْحَابُهُ: صَلُّوا إِلَيْهَا أَوَّلَ النَّهَارِ، وَارْجِعُوا إِلَى كَعْبَتِكُمُ الصَّخْرَةِ آخِرَهُ، فَنَزَلَتْ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ: صَلَّوْا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ رَجَعُوا آخِرَ النَّهَارِ فَصَلَّوْا صَلَاتَهُمْ لِيَرَى النَّاسُ أَنَّهُ قَدْ بَدَتْ لَهُمْ مِنْهُ ضَلَالَةٌ بَعْدَ أَنْ كَانُوا اتَّبَعُوهُ، فَنَزَلَتْ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: قَالَتِ الْيَهُودُ لِسَفَلَتِهِمْ: آمِنُوا بِمُحَمَّدٍ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَإِذَا كَانَ بِالْعَشِيِّ قُولُوا: قَدْ عَرَّفَنَا عُلَمَاؤُنَا أَنَّكُمْ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ، فَنَزَلَتْ.
وَحَكَى ابْنُ عَطِيَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ يَهُودَ خَيْبَرَ قَالَتْ ذَلِكَ لِيَهُودِ الْمَدِينَةِ. انْتَهَى.
جَعَلَتِ الْيَهُودُ هَذَا سَبَبًا إِلَى خَدِيعَةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَالْمَقُولُ لَهُمْ مَحْذُوفٌ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ هَذِهِ الطَّائِفَةِ لِبَعْضٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَقُولُ لَهُمْ لَيْسُوا مِنْ هذه الطائفة، والمراد: بآمنوا، أَظْهِرُوا الْإِيمَانَ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّصْدِيقُ، وَفِي قَوْلِهِ: بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا حَذْفٌ أَيْ: عَلَى زَعْمِهِمْ، وَإِلَّا فَهُمْ يَكْذِبُونَ، وَلَا يُصَدِّقُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ شَيْئًا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.
وَانْتَصَبَ: وَجْهَ النَّهَارِ، عَلَى الظَّرْفِ وَمَعْنَاهُ: أَوَّلَ النَّهَارِ، شُبِّهَ بِوَجْهِ الْإِنْسَانِ إِذْ هُوَ أَوَّلُ مَا يُوَاجَهُ مِنْهُ.
وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ الْعَبْسِيُّ فِي مَالِكِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ الْعَبْسِيِّ:
مَنْ كَانَ مَسْرُورًا بِمَقْتَلِ مَالِكٍ ... فَلْيَأْتِ نِسْوَتَنَا بِوَجْهِ نَهَارِ
وَالضَّمِيرُ فِي: آخِرَهُ، عَائِدٌ عَلَى النَّهَارِ، أَيْ: آخِرَ النَّهَارِ.
وَالنَّاصِبُ لِلظَّرْفِ الْأَوَّلِ: آمِنُوا، وَلِلْآخِرِ: اكْفُرُوا. وَقِيلَ: النَّاصِبُ لِقَوْلِهِ: وَجْهَ النَّهَارِ، أُنْزِلَ. أَيْ: بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَالضَّمِيرُ فِي: آخِرَهُ، يَعُودُ عَلَى الَّذِي أُنْزِلَ، أَيْ: وَاكْفُرُوا آخِرَ الْمُنَزَّلِ، وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ وَمُخَالَفَةٌ لِأَسْبَابِ النُّزُولِ، وَمُتَعَلِّقُ الرُّجُوعِ مَحْذُوفٌ أَيْ: يَرْجِعُونَ عَنْ دِينِهِمْ.
وَظَاهِرُ الْآيَةِ الدَّلَالَةُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَأَمَّا امْتِثَالُ الْأَمْرِ مِمَّنْ أُمِرُ بِهِ فَسُكُوتٌ عَنْ وُقُوعِهِ، وَأَسْبَابُ النُّزُولِ تَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ طَمِعُوا أَنْ يَنْخَدِعَ الْعَرَبُ بِهِ، أَوْ يَقُولَ قَائِلُهُمْ: هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْكِتَابِ الْقَدِيمِ وَجَوْدَةِ النَّظَرِ وَالِاطِّلَاعِ، دَخَلُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ وَرَجَعُوا عَنْهُ، وَفِيهِ تَثْبِيتٌ أَيْضًا لِضُعَفَائِهِمْ عَلَى دِينِهِمْ.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 3  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست