responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 10  صفحه : 330
كُلِّ ذَلِكَ اللَّهُمَّ لَا، ثُمَّ قَالُوا: فَمَا هُوَ؟ فَفَكَّرَ ثُمَّ قَالَ: مَا هُوَ إِلَّا سَاحِرٌ. أَمَا رَأَيْتُمُوهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَمَوَالِيهِ؟ وَمَا الَّذِي يَقُولُهُ إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثِرُهُ عَنْ مِثْلِ مُسَيْلِمَةَ وَعَنْ أَهْلِ بَابِلَ، فَارْتَجَّ النَّادِي فَرَحًا وَتَفَرَّقُوا مُتَعَجِّبِينَ مِنْهُ.
وَرُوِيَ أَنَّ الْوَلِيدَ سَمِعَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا أَعْجَبَهُ وَمَدَحَهُ، ثُمَّ سَمِعَ كَذَلِكَ مِرَارًا حَتَّى كَادَ أَنْ يُقَارِبَ الْإِسْلَامَ. وَدَخَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِرَارًا، فَجَاءَهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: يَا وَلِيدُ، أَشَعَرْتَ أَنَّ قُرَيْشًا قَدْ ذَمَّتْكَ بِدُخُولِكَ إِلَى ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَزَعَمَتْ أَنَّكَ إِنَّمَا تَقْصِدُ أَنْ تَأْكُلَ طَعَامَهُ؟ وَقَدْ أَبْغَضَتْكَ لِمُقَارَبَتِكَ أَمْرَ مُحَمَّدٍ، وَمَا يُخَلِّصُكَ عِنْدَهُمْ إِلَّا أَنْ تَقُولَ فِي هَذَا الْكَلَامِ قَوْلًا يُرْضِيهِمْ، فَفَتَنَهُ أَبُو جَهْلٍ فَافْتَتَنَ وَقَالَ: أَفْعَلُ. إِنَّهُ فَكَّرَ: تَعْلِيلٌ لِلْوَعِيدِ فِي قَوْلِهِ: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً. قِيلَ:
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِنَّهُ فَكَّرَ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً، بَيَانًا لِكُنْهِ عِنَادُهُ وَفَكَّرَ، أَيْ فِي الْقُرْآنِ وَمَنْ أَتَى بِهِ، وقَدَّرَ: أَيْ فِي نَفْسِهِ مَا يَقُولُ فِيهِ. فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، قُتِلَ: لُعِنَ، وَقِيلَ: غُلِبَ وَقُهِرَ، وَذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ:
لسهميك في أعسار قَلْبٍ مُقَتَّلِ أَيْ مُذَلَّلٌ مَقْهُورٌ بِالْحُبِّ، فَلُعِنَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ وَغُلِبَ، وَذَلِكَ إِخْبَارٌ بِقَهْرِهِ وَذِلَّتِهِ، وكَيْفَ قَدَّرَ مَعْنَاهُ: كَيْفَ قَدَّرَ مَا لَا يَصِحُّ تَقْدِيرُهُ وَمَا لَا يَسُوغُ أَنْ يُقَدِّرَهُ عَاقِلٌ؟
وَقِيلَ: دُعَاءٌ مُقْتَضَاهُ الِاسْتِحْسَانُ وَالتَّعَجُّبُ. فَقِيلَ ذَلِكَ لِمَنْزَعِهِ الْأَوَّلِ فِي مَدْحِهِ الْقُرْآنَ، وَفِي نَفْيِهِ الشِّعْرَ وَالْكَهَانَةَ وَالْجُنُونَ عَنْهُ، فَيَجْرِي مَجْرَى قَوْلِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ: قَاتَلَ اللَّهُ كُثَيِّرًا، كَأَنَّهُ رَآنَا حِينَ قَالَ كَذَا. وَقِيلَ: ذَلِكَ لِإِصَابَتِهِ مَا طَلَبَتْ قُرَيْشٌ مِنْهُ. وَقِيلَ: ذَلِكَ ثَنَاءٌ عَلَيْهِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِهْزَاءِ. وَقِيلَ: ذَلِكَ حِكَايَةٌ لِمَا كَرَّرُوهُ مِنْ قَوْلِهِمْ: قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، تَهَكُّمًا بِهِمْ وَبِإِعْجَابِهِمْ بِتَقْدِيرِهِ وَاسْتِعْظَامِهِمْ لِقَوْلِهِ، وَهَذَا فِيهِ بَعْدُ. وَقَوْلُهُمْ: قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنَّهُ يُقَالُ عِنْدَ اسْتِعْظَامِ الْأَمْرِ وَالتَّعَجُّبِ مِنْهُ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ قَدْ بَلَغَ الْمَبْلَغَ الَّذِي يُحْسَدُ عَلَيْهِ وَيُدْعَى عَلَيْهِ مِنْ حُسَّادِهِ، وَالِاسْتِفْهَامُ فِي كَيْفَ قَدَّرَ فِي مَعْنَى: مَا أَعْجَبَ تَقْدِيرَهُ وَمَا أَغْرَبَهُ، كَقَوْلِهِمْ: أَيُّ رَجُلٍ زَيْدٌ؟ أَيْ مَا أَعْظَمَهُ.
وَجَاءَ التَّكْرَارُ بِثُمَّ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَةَ أَبْلَغُ مِنَ الْأُولَى لِلتَّرَاخِي الَّذِي بَيْنَهُمَا، كَأَنَّهُ دَعَى عَلَيْهِ أَوَّلًا وَرَجَى أَنْ يُقْلِعَ عَنْ مَا كَانَ يَرُومُهُ فَلَمْ يَفْعَلْ، فَدَعَى عَلَيْهِ ثَانِيًا، ثُمَّ نَظَرَ:
أَيْ فَكَّرَ ثَانِيًا. وَقِيلَ: نَظَرَ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ: أَيْ قَطَّبَ وَكَلَحَ لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْحِيَلُ وَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ. وَقِيلَ: قَطَّبَ فِي وُجِّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ أَدْبَرَ: رَجَعَ مُدْبِرًا، وَقِيلَ: أَدْبَرَ عَنِ الْحَقِّ، وَاسْتَكْبَرَ، قِيلَ: تَشَارَسَ مُسْتَكْبِرًا، وَقِيلَ: اسْتَكْبَرَ عَنِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 10  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست