responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 10  صفحه : 124
حَدِيثِ أَوْسٍ لَمَّا قَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي إِذَا لَمْ آكُلْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَلَّ بَصَرِي وَخَشِيتُ أَنْ تَعْشُوَ عَيْنِي.
وَالظَّاهِرُ مُطْلَقُ الْإِطْعَامِ، وَتُخَصِّصُهُ مَا كَانَتِ الْعَادَةُ فِي الْإِطْعَامِ وَقْتَ النُّزُولِ، وَهُوَ مَا يُشْبِعُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِمُدٍّ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ مُدٌّ وَثُلُثٌ بِالْمُدِّ النَّبَوِيِّ، وَيَجِبُ اسْتِيعَابُ الْعَدَدِ سِتِّينَ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الظَّاهِرِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: لَوْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا كُلَّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ حَتَّى يُكْمِلَ الْعَدَدَ أَجْزَأَهُ. ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إِشَارَةٌ إِلَى الرَّجْعَةِ وَالتَّسْهِيلِ فِي الْفِعْلِ مِنَ التَّحْرِيرِ إِلَى الصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ. ثُمَّ شَدَّدَ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ: أَيْ فَالْزَمُوهَا وَقِفُوا عِنْدَهَا. ثُمَّ تَوَعَّدَ الْكَافِرِينَ بِهَذَا الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ذَلِكَ الْبَيَانُ وَالتَّعْلِيمُ لِلْأَحْكَامِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا، لِتُصَدِّقُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي الْعَمَلِ بِشَرَائِعِهِ الَّتِي شَرَعَهَا فِي الظِّهَارِ وَغَيْرِهِ، وَرَفْضِ مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ جَاهِلِيَّتِكُمْ، وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ الَّتِي لَا يَجُوزُ تَعَدِّيهَا، وَلِلْكافِرِينَ الَّذِينَ لَا يَتَّبِعُونَهَا وَلَا يَعْمَلُونَ عَلَيْهَا عَذابٌ أَلِيمٌ. انْتَهَى.
إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ: نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، أُخْزُوا يَوْمَ الْخَنْدَقِ بِالْهَزِيمَةِ، كَمَا أُخْزِيَ مَنْ قَاتَلَ الرُّسُلَ مِنْ قَبْلِهِمْ. وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُؤْمِنِينَ الْوَاقِفِينَ عِنْدَ حُدُودِهِ، ذَكَرَ الْمُحَادِّينَ الْمُخَالِفِينَ لَهَا، وَالْمُحَادَّةُ: الْمُعَادَاةُ وَالْمُخَالَفَةُ فِي الْحُدُودِ. كُبِتُوا، قَالَ قَتَادَةُ: أُخْزُوا. وَقَالَ السُّدِّيُّ: لُعِنُوا. قِيلَ: وَهِيَ لُغَةُ مَذْحِجٍ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَأَبُو رَوْقٍ: رُدُّوا مَخْذُولِينَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: غِيظُوا يَوْمَ الْخَنْدَقِ. كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: أَيْ مَنْ قَاتَلَ الْأَنْبِيَاءَ. وَقِيلَ: يَوْمَ بَدْرٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْأَخْفَشُ: أُهْلِكُوا. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: التَّاءُ بَدَلٌ مِنَ الدَّالِ، أَيْ كُبِدُوا: أَصَابَهُمْ دَاءٌ فِي أَكْبَادِهِمْ. قِيلَ: وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مُنَافِقُو الْأُمَمِ. قِيلَ:
وَكُبِتُوا بِمَعْنَى سَيُكْبَتُونَ، وَهِيَ بِشَارَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بِالنَّصْرِ. وَعَبَّرَ بِالْمَاضِي لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مَادَّةِ كَبَتَ فِي آلِ عِمْرَانَ.
وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ عَلَى صِدْقَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصِحَّةِ مَا جَاءَ بِهِ.
وَلِلْكافِرِينَ: أَيِ الَّذِينَ يُحَادُّونَهُ، عَذابٌ مُهِينٌ: أَيْ يُهِينُهُمْ ويذلهم. والناصب ليوم يَبْعَثُهُمُ الْعَامِلُ فِي لِلْكَافِرِينَ أَوْ مُهِينٌ أَوِ اذْكُرْ أَوْ يَكُونُ عَلَى أَنَّهُ جَوَابٌ لِمَنْ سَأَلَ مَتَى يَكُونُ عَذَابُ هَؤُلَاءِ؟ فَقِيلَ لَهُ: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ: أَيْ يَكُونُ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله، انتصب جَمِيعاً عَلَى الْحَالِ: أَيْ مُجْتَمِعِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، أَوْ مَعْنَاهُ كُلَّهُمْ، إِذْ جَمِيعُ يَحْتَمِلُ ذَيْنِكَ الْمَعْنَيَيْنِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا، تَخْجِيلًا لَهُمْ وَتَوْبِيخًا. أَحْصاهُ بِجَمِيعِ تَفَاصِيلِهِ وَكَمِّيَّتِهِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 10  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست