responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 567
الْإِيمَانِ لَهُمْ، وَتَنْبِيهُهُمْ عَلَى تَعَلُّمِ أَدَبٍ مِنْ آدَابِ الشَّرِيعَةِ، بِأَنْ نُهُوا عَنْ قَوْلِ لَفْظٍ لِإِيهَامٍ مَا إِلَى لَفْظٍ أَنَصَّ فِي الْمَقْصُودِ، وَأَصْرَحَ فِي الْمَطْلُوبِ. ثُمَّ ذَكَرَ مَا لِلْمُخَالِفِ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي يُذِلُّهُ وَيُهِينُهُ. ثُمَّ نَبَّهْ عَلَى أَنَّ هَذَا الَّذِي أُمِرْتُمْ بِهِ هُوَ خَيْرٌ، وَأَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَوَدُّونَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ رَاجِعًا لِشَهَوَاتِهِمْ، وَلَا لِتَمَنِّيهِمْ، بَلْ ذَلِكَ أَمْرٌ إِلَهِيٌّ يَخْتَصُّ بِهِ مَنْ يَشَاءُ، وَأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ صَاحِبُ الْفَضْلِ الْوَاسِعِ. وَلَمَّا كَانَ صَدْرُ الْآيَةِ فِيهِ انْتِقَالٌ مِنْ لَفْظٍ إِلَى لَفْظٍ، وَأَنَّ الثَّانِيَ صَارَ أَنَصَّ فِي الْمَقْصُودِ بَيَّنَ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ النَّسْخِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِحِكْمَةٍ مِنْهُ، فَيَأْتِي بِأَفْضَلَ مِمَّا نَسَخَ أَوْ بِمَا مَاثَلَهُ. وَأَنَّ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَلَهُ التَّصَرُّفُ بِمَا يُرِيدُ مَنْ نَسْخٍ وَغَيْرِهِ. وَنَبَّهَ الْمُخَاطَبَ عَلَى عِلْمِهِ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَبِمُلْكِهِ الشَّامِلِ لِسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَإِنَّمَا نَحْنُ مَا لَنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ مَانِعٍ يَمْنَعُنَا مِنْهُ.
فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا، ثُمَّ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ تَعَلَّقَتْ إِرَادَتُهُ بِأَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُؤَالًا غَيْرَ جَائِزٍ، كَسُؤَالَاتِ قَوْمِ مُوسَى لَهُ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ آثَرَ الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ، فَقَدْ خَرَجَ عَنْ قَصْدِ الْمَنْهَجِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْكَثِيرَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوَدُّونَ ارْتِدَادَكُمْ، وَأَنَّ الْحَامِلَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْحَسَدُ. ثُمَّ أُمِرُوا بِالْمُوَادَعَةِ وَالصَّفْحِ، وَغَيَّا ذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ، فَإِذَا أَتَى أَمْرُ اللَّهِ ارْتَفَعَ الْأَمْرُ بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ.
ثُمَّ اخْتَتَمَ الْآيَةَ بِذِكْرِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، لِأَنَّ قَبْلَهُ وَعْدًا بِتَغْيِيرِ حَالٍ، فَنَاسَبَ ذَلِكَ ذِكْرُ الْقُدْرَةِ. ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِمَا يَقْطَعُ عَنْهُمْ تَلَفُّتَ أَقْوَالِ الْكُفَّارِ، وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ، وَأَخْبَرَ أَنَّ مَا قَدَّمْتُمُوهُ مِنَ الْخَيْرِ فَإِنَّهُ لَا يَضِيعُ عِنْدَ اللَّهِ، بَلْ تَجِدُوهُ مَذْخُورًا لَكُمْ. ثُمَّ اخْتَتَمَ ذَلِكَ حَيْثُ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ مَا عُمِلَ مِنَ الْخَيْرِ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ، بِذِكْرِ صِفَةِ الْبَصَرِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى مُشَاهَدَةِ الْأَشْيَاءِ وَمُعَايَنَتِهَا. ثُمَّ نَعَى عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ دَعْوَاهُمْ أَنَّهُمْ مُخْتَصُّونَ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ أُكْذُوبَةٌ مِنْ أَكَاذِيبِهِمُ الْمَعْرُوفَةِ، وَأَنَّهُمْ طُولِبُوا بِإِقَامَةِ الْبُرْهَانِ عَلَى دَعْوَى الِاخْتِصَاصِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَنِ انْقَادَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَهُ أَجْرُهُ وَهُوَ آمِنٌ، فَلَا يَخَافُ مِمَّا يَأْتِي وَلَا يَحْزَنُ عَلَى مَا مَضَى. ثُمَّ أَخَذَ يَذْكُرُ مَقَالَاتِ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ، وَأَنَّهَا مَقَالَةُ مَنْ أَظْهَرَ التَّبَرُّؤَ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَأَفْصَحَتْ عَنْهُ الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى جِهَةِ الْعِنَادِ، لِأَنَّهُمْ تَالُونَ لِلْكُتُبِ عَالِمُونَ بِمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ، فَصَارُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا عَلَى مِثْلِ حَالِهِمْ فِي الْآخِرَةِ. كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً [1] . ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَقَالَتَهُمْ تِلْكَ، وَإِنْ كَانُوا عَالِمِينَ،

[1] سورة العنكبوت: 29/ 25.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 567
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست