responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 549
لِلتَّعْدِيَةِ أَيْضًا، وَهُوَ مِنْ نَسْخِ الْكِتَابِ، وَهُوَ نَقْلُهُ مِنْ غَيْرِ إِزَالَةٍ لَهُ، قَالَ: وَيَكُونُ الْمَعْنَى مَا نَكْتُبْ وَنُنَزِّلْ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، أَوْ مَا نُؤَخِّرْ فِيهِ وَنَتْرُكْ فَلَا نُنَزِّلْهُ، أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْنَا، فَإِنَّا نَأْتِي بِخَيْرٍ مِنَ الْمُؤَخَّرِ الْمَتْرُوكِ، أَوْ بِمِثْلِهِ، فَتَجِيءُ الضَّمِيرَاتُ فِي مِنْهَا وَبِمِثْلِهَا عَائِدِينَ عَلَى الضَّمِيرِ فِي نَنْسَأْهَا. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَذُهِلَ عَنِ الْقَاعِدَةِ النَّحْوِيَّةِ، وَهِيَ أَنَّ اسْمَ الشَّرْطِ لَا بُدَّ فِي جَوَابِهِ مِنْ عَائِدٍ عَلَيْهِ. وَمَا فِي قَوْلِهِ: مَا نَنْسَخْ شَرْطِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ نَنْسَأْهَا، عَائِدٌ عَلَى الْآيَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى لَيْسَ عَائِدًا عَلَيْهَا نَفْسِهَا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى، إِنَّمَا يَعُودُ عَلَيْهَا لَفْظًا لَا مَعْنًى، فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ: عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ، فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى إِضْمَارِ مَا الشَّرْطِيَّةِ. التَّقْدِيرُ: أَوْ مَا نَنْسَأْ مِنْ آيَةٍ، ضَرُورَةَ أَنَّ الْمَنْسُوخَ هُوَ غَيْرُ الْمَنْسُوءِ، لَكِنْ يَبْقَى قَوْلُهُ: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ مُفْلِتًا مِنَ الْجَوَابِ، إِذْ لَا رَابِطَ فِيهِ مِنْهُ لَهُ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، فَبَطَلَ هَذَا الْمَعْنَى.
مِنْ آيَةٍ، مِنْ: هُنَا لِلتَّبْعِيضِ، وَآيَةٌ مُفْرَدٌ وَقَعَ مَوْقِعَ الْجَمْعِ، وَنَظِيرُهُ فَارِسٌ فِي قَوْلِكَ:
هَذَا أَوَّلُ فَارِسٍ، التَّقْدِيرُ: أَوَّلُ الْفَوَارِسِ. وَالْمَعْنَى: أَيَّ شَيْءٍ مِنَ الْآيَاتِ. وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ مِنْ هَذَا النَّحْوِ فِي الْقُرْآنِ، وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ تَخْرِيجُهُ هَكَذَا، نَحْوُ قَوْلِهِ: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ [1] ، وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ [2] ، وَقَوْلِهِمْ: مَنْ يَضْرِبْ مِنْ رَجُلٍ أَضْرِبْهُ.
وَيَتَّضِحُ بِهَذَا الْمَجْرُورِ مَا كَانَ مَعْمُولًا لِفِعْلِ الشَّرْطِ، لِأَنَّهُ مُخَصِّصٌ لَهُ، إِذْ فِي اسْمِ الشَّرْطِ عُمُومٌ، إِذْ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِالْمَجْرُورِ لَحُمِلَ عَلَى الْعُمُومِ. لَوْ قُلْتَ: مَنْ يَضْرِبْ أَضْرِبْ، كَانَ عَامًّا فِي مَدْلُولِ مَنْ. فَإِذَا قُلْتَ: مِنْ رَجُلٍ، اخْتُصَّ جِنْسُ الرِّجَالِ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ النِّسَاءُ، وَإِنْ كَانَ مَدْلُولُ مِنْ عَامًّا لِلنَّوْعَيْنِ. وَلِهَذَا الْمَعْنَى جَعَلَ بَعْضُهُمْ مِنْ آيَةٍ، وَمَا أَشْبَهَهُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى التَّمْيِيزِ. قَالَ: وَالْمُمَيَّزُ مَا قَالَ، وَالتَّقْدِيرُ: أَيُّ شَيْءٍ نُسِخَ مِنْ آيَةٍ. قَالَ:
وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَدَّرَ أَيُّ آيَةٍ نَنْسَخْ، لِأَنَّكَ لَا تَجْمَعُ بَيْنَ آيَةٍ وَبَيْنَ الْمُمَيَّزِ بِآيَةٍ. لَا تَقُولُ: أَيَّ آيَةٍ نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ، وَلَا أَيُّ رَجُلٍ يَضْرِبْ مِنْ رَجُلٍ أَضْرِبْهُ. وَجَوَّزُوا أَيْضًا أَنْ تَكُونَ مِنْ زَائِدَةً، وآية حَالًا. وَالْمَعْنَى: أَيَّ شَيْءٍ نَنْسَخُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا. قَالُوا: وَقَدْ جَاءَتِ الْآيَةُ حَالًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى هَذِهِ: ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً [3] ، وَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّ، الْحَالَ لَا يُجَرُّ بِمِنْ وَجَوَّزُوا أَيْضًا أَنْ تَكُونَ مَا مصدرا، وآية مَفْعُولًا بِهِ، التَّقْدِيرُ: أَيَّ نَسْخٍ نَنْسَخُ آيَةً، وَمَجِيءُ ما الشرطية مصدرا

[1] سورة فاطر: 35/ 2.
[2] سورة النحل: 16/ 53.
[3] سورة الأعراف: 7/ 73.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 549
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست