responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 538
ضَرَرُ عَدَاوَتِهِمْ، وَهُوَ مَنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَادَى، لِأَنَّهُ السَّفِيرُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، وَهُوَ جِبْرِيلَ.
أَتَى بِالْقُرْآنِ الْمُصَدِّقِ لِكِتَابِهِمْ، وَالْمُشْتَمِلِ عَلَى الْهُدَى وَالْبِشَارَةِ لِمَنْ آمَنَ بِهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي الْمُبَادَرَةُ إِلَى وَلَائِهِ وَمَحَبَّتِهِ. ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ، أَيْ مُخَالِفًا لِأَمْرِهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ، أَيْ مُبْغِضًا لَهُمْ، فَاللَّهُ عَدُوُّهُ، أَيْ مُعَامِلُهُ بِمَا يُنَاسِبُ فِعْلَهُ الْقَبِيحَ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى رَسُولِهِ بِالْخِطَابِ، فَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَاتٍ وَاضِحَاتٍ، وَأَنَّهَا لِوُضُوحِهَا، لَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا مُتَمَرِّدٌ فِي فِسْقِهِ. ثُمَّ أَخَذَ يُسَلِّيهِ بِأَنَّ عَادَةَ هَؤُلَاءِ نَكْثُ عُهُودِهِمْ، فَلَا تُبَالِ بِمَنْ طَرِيقَتُهُ هَذِهِ، وَأَنَّهُمْ سَلَكُوا هَذِهِ الطَّرِيقَةَ مَعَكَ، إِذْ أَتَيْتَهُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى بِالرِّسَالَةِ، فَنَبَذُوا كِتَابَهُ تَعَالَى وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، بِحَيْثُ صَارُوا لَا يَنْظُرُونَ فِيهِ، وَلَا يَلْتَفِتُونَ لِمَا انْطَوَى عَلَيْهِ مِنَ التَّبْشِيرِ بِكَ، وَإِلْزَامِهِمُ اتِّبَاعَكَ، حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى الْكِتَابِ، وَلَا سَبَقَ لَهُمْ بِكَ عِلْمٌ مِنْهُ. ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ مَخَازِيهِمْ أَنَّهُمْ تَرَكُوا كِتَابَ اللَّهِ وَاتَّبَعُوا مَا أَلْقَتْ إِلَيْهِمُ الشَّيَاطِينُ مِنْ كُتُبِ السِّحْرِ عَلَى عَهْدِ سُلَيْمَانَ. ثُمَّ نَزَّهَ نَبِيَّهُ سُلَيْمَانَ عَنِ الْكُفْرِ، وَأَنَّ الشَّيَاطِينَ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا. ثُمَّ اسْتَطْرَدَ فِي أَخْبَارِ هَارُوتَ وَمَارُوتَ، وَأَنَّهُمَا لَا يُعَلِّمَانِ أَحَدًا حَتَّى يَنْصَحَاهُ بِأَنَّهُمَا جُعِلَا ابْتِلَاءً وَاخْتِبَارًا، وَأَنَّهُمَا لِمُبَالَغَتِهِمَا فِي النَّصِيحَةِ يَنْهَيَانِ عَنِ الْكُفْرِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ قُصَارَى مَا يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا هُوَ تَفْرِيقٌ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ ضَرَرَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِإِذْنٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الضَّارُّ النَّافِعُ. ثُمَّ أَثْبَتَ أَنَّ مَا يَتَعَلَّمُونَ هُوَ ضَرَرٌ لِمُلَابِسِهِ وَمُتَعَلِّمِهِ. ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا بِحَقِيقَةِ الضَّرَرِ، وَأَنَّ مُتَعَاطِيَ ذَلِكَ لَا نَصِيبَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ. ثُمَّ بَالَغَ فِي ذَمِّ مَا بَاعُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ، إِذْ مَا تَعَوَّضُوهُ مَآلُهُ إِلَى الْخُسْرَانِ.
ثُمَّ خَتَمَ ذَلِكَ بِمَا لَوْ سَلَكُوهُ، وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالتَّقْوَى، لَحَصَلَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الثَّوَابُ الْجَزِيلُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّ جَمِيعَ مَا اجْتَرَمُوهُ مِنَ الْمَآثِمِ، وَاكْتَسَبُوهُ مِنَ الْجَرَائِمِ، يُعْفِي عَلَى آثَارِهِ جَرُّ ذَيْلِ الْإِيمَانِ، وَيُبْدِلُ بِالْإِسَاءَةِ جَمِيلَ الْإِحْسَانِ. وَلَمَّا كَانَتِ الْآيَاتُ السَّابِقَةُ فِيهَا مَا يَتَضَمَّنُ الْوَعِيدَ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ، وَقَوْلِهِ: وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ، وَذِكْرِ نَبْذِ الْعُهُودِ، وَنَبْذِ كِتَابِ اللَّهِ، وَاتِّبَاعِ الشَّيَاطِينِ، وَتَعَلُّمِ مَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، وَالْإِخْبَارِ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَا نَصِيبَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، أَتْبَعَ ذَلِكَ بِآيَةٍ تَتَضَمَّنُ الْوَعْدَ الْجَمِيلَ لِمَنْ آمَنَ وَاتَّقَى. فَجَمَعَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ بَيْنَ الْوَعِيدِ وَالْوَعْدِ، وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَالْإِنْذَارِ وَالتَّبْشِيرِ، وَصَارَ فِيهَا اسْتِطْرَادٌ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ، وَإِخْبَارٌ بمغيب بعد مغيب، متناسقا تَنَاسُقَ اللَّآلِئِ فِي عُقُودِهَا، مُتَّضِحَةً اتِّضَاحَ الدَّرَارِي فِي مَطَالِعِ سُعُودِهَا، مُعْلِمَةً صِدْقَ مَنْ أَتَى بِهَا، وَهُوَ مَا قَرَأَ الْكُتُبَ، وَلَا دَارَسَ، وَلَا رَحَلَ، وَلَا عاشر الأخبار، وَلَا مَارَسَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 538
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست