responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 362
أَوَامِرُ أَرْبَعَةٌ: ادْخُلُوا، فَكُلُوا، وَادْخُلُوا الْبابَ، وَقُولُوا حِطَّةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ جَوَابًا إِلَّا لِلْآخِرَيْنِ، وَعَلَيْهِ الْمَعْنَى، لِأَنَّ تَرَتُّبَ الْغُفْرَانِ لَا يَكُونُ عَلَى دُخُولِ الْقَرْيَةِ وَلَا عَلَى الْأَكْلِ مِنْهَا، وَإِنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى دُخُولِ الْبَابِ لِتَقْيِيدِهِ بِالْحَالِ الَّتِي هِيَ عِبَادَةٌ وَهِيَ السُّجُودُ، وَبِقَوْلِهِ: وَقُولُوا حِطَّةٌ لِأَنَّ فِيهِ السُّؤَالَ بِحَطِّ الذُّنُوبِ، وَذَلِكَ لِقُوَّةِ الْمُنَاسَبَةِ وَلِلْمُجَاوَرَةِ. وَيَدُلُّ عَلَى تَرَتُّبِ ذَلِكَ عَلَيْهَا مَا فِي الْأَعْرَافِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقُولُوا حِطَّةٌ، وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً، نَغْفِرْ، وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ. فَرَتَّبَ الْغُفْرَانَ هُنَاكَ عَلَى قَوْلِهِمْ حِطَّةٌ، وَعَلَى دُخُولِ الْبَابِ سُجَّدًا، لِمَا تَضَمَّنَهُ الدُّخُولُ مِنَ السُّجُودِ. وَفِي تَخَالُفِ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ وَأَنَّهَا لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ. وَقَرَأَ مِنَ الْجُمْهُورِ: بِإِظْهَارِ الرَّاءِ مِنْ نَغْفِرْ عِنْدَ اللَّامِ، وَأَدْغَمَهَا قَوْمٌ قَالُوا وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَسَنَزِيدُ: هُنَا بِالْوَاوِ، وَفِي الْأَعْرَافِ سَنَزِيدُ، وَالَّتِي فِي الْأَعْرَافِ مُخْتَصَرَةٌ. أَلَا تَرَى إِلَى سُقُوطِ رَغَدًا؟ وَالْوَاوُ مِنْ: وَسَنَزِيدُ، وَقَوْلُهُ: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ [1] ، بَدَلُ، فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا، وَإِثْبَاتُ ذَلِكَ هُنَا، وَنَاسَبَ الْإِسْهَابَ هُنَا وَالِاخْتِصَارَ هُنَاكَ.
وَالزِّيَادَةُ ارْتِفَاعٌ عَنِ الْقَدْرِ الْمَعْلُومِ، وَضِدُّهُ النَّقْصُ. الْمُحْسِنِينَ، قِيلَ: الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْخَطِيئَةِ، وَقِيلَ: الْمُحْسِنِينَ مِنْهُمْ، فَقِيلَ: مَعْنَاهُ من أحسن منهم بعد ذَلِكَ زِدْنَاهُ ثَوَابًا وَدَرَجَاتٍ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَنْ كَانَ مُحْسِنًا مِنْهُمْ زِدْنَا فِي إِحْسَانِهِ، وَمَنْ كَانَ مُسِيئًا بَعْدَ ذَلِكَ زِدْنَاهُ ثَوَابًا وَدَرَجَاتٍ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَنْ كَانَ مُحْسِنًا مِنْهُمْ زِدْنَا فِي إِحْسَانِهِ، وَمَنْ كَانَ مُسِيئًا مُخْطِئًا نَغْفِرُ لَهُ خَطِيئَتَهُ، وَكَانُوا عَلَى هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ، فَأَعْلَمَهُمُ اللَّهُ أَنَّهُمْ إِذَا فَعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ دُخُولِهِمُ الْبَابَ سُجَّدًا وَقَوْلِهِمْ حِطَّةً يَغْفِرُ وَيُضَاعِفُ ثَوَابَ مُحْسِنِهِمْ. وَقِيلَ:
الْمُحْسِنُونَ مَنْ دَخَلَ، كَمَا أُمِرَ وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمُحْسِنِينَ إِمَّا مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ مِنْهُمْ. فَمِنْهُمْ إِمَّا مَنِ اتَّصَفَ بِالْإِحْسَانِ فِي الْمَاضِي، أَيْ كَانَ مُحْسِنًا، أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، أَيْ من أحسن منهم بعد، أَوْ فِي الْحَالِ، أَيْ وَسَنَزِيدُكُمْ بِإِحْسَانِكُمْ فِي امْتِثَالِكُمْ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ مِنْ دُخُولِ الْبَابِ سُجَّدًا وَالْقَوْلِ حِطَّةً. وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى: وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ، وَلَيْسَتْ مَعْطُوفَةً عَلَى نَغْفِرْ فَتَكُونُ جَوَابًا، أَلَا تَرَاهَا جَاءَتْ مُنْقَطِعَةً عَنِ الْعَطْفِ فِي الْأَعْرَافِ فِي قَوْلِهِ سَنَزِيدُ؟ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا مِنْ حَيْثُ الصِّنَاعَةِ الإعرابية ترتيب عَلَى دُخُولِ الْبَابِ سُجَّدًا. وَالْقَوْلِ حِطَّةً، لَكِنَّهَا أُجْرِيَتْ مَجْرَى الْإِخْبَارِ الْمَحْضِ الَّذِي لَمْ يُرَتَّبْ عَلَى شَيْءٍ قبله.

[1] سورة الأعراف: 7/ 133 و 162، وسورة فصلت: 41/ 16.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 362
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست