responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 359
الِانْتِهَاءِ إِلَى الْبَابِ، شُكْرًا لِلَّهِ وَتَوَاضُعًا، وَمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ مَدْلُولَ الْآيَةِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالسُّجُودِ فِي الْآيَةِ عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إِلَى الْبَابِ، بَلْ أُمِرُوا بِالدُّخُولِ فِي حَالِ السُّجُودِ. فَالسُّجُودُ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ، بَلْ هُوَ قَيْدٌ فِي وُقُوعِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَهُوَ الدُّخُولُ، وَالْأَحْوَالُ نِسَبٌ تَقْيِيدِيَّةٌ، وَالْأَوَامِرُ نِسَبٌ إِسْنَادِيَّةٌ، فَتَنَاقَضَتَا، إِذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ تَقْيِيدِيًّا إِسْنَادِيًّا، لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ التَّقْيِيدِ لَا يَكْتَفِي كَلَامًا وَمِنْ حَيْثُ الْإِسْنَادِ يَكْتَفِي، فَظَهَرَ التَّنَاقُضُ. وَفِي كَيْفِيَّةِ دُخُولِهِمُ الْبَابَ أَقْوَالٌ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ: دَخَلُوا مِنْ قِبَلِ أَسْتَاهِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: دَخَلُوا مقنعي رؤوسهم، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: دَخَلُوا عَلَى حُرُوفِ أَعْيُنِهِمْ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: دَخَلُوا مُسْتَلْقِينَ، وَقِيلَ: دَخَلُوا مُنْزَحِفِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ عِنَادًا وَكِبْرًا، وَالَّذِي ثَبَتَ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّهُمْ دَخَلُوا الْبَابَ يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ. فَاضْمَحَلَّتْ هَذِهِ التَّفَاسِيرُ، وَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَى تَفْسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَوْلُهُ: وَقُولُوا حِطَّةٌ، حطة: مفرد، وَمَحْكِيُّ الْقَوْلِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً، فَاحْتِيجَ إِلَى تَقْدِيرٍ مُصَحِّحٍ لِلْجُمْلَةِ، فَقُدِّرَ مَسْأَلَتُنَا حِطَّةٌ هَذَا تقديرا لحسن بْنِ أَبِي الْحَسَنِ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: التَّقْدِيرُ دُخُولُنَا الْبَابَ كَمَا أُمِرْنَا حِطَّةٌ، وَقَالَ غَيْرُهُمَا: التَّقْدِيرُ أَمْرُكَ حِطَّةٌ. وَقِيلَ:
التَّقْدِيرُ أَمْرُنَا حِطَّةٌ، أَيْ أَنْ نَحُطَّ فِي هذه القرية ونستقر فيها. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَالْأَصْلُ النَّصْبُ بِمَعْنَى حُطَّ عَنَّا ذُنُوبَنَا حِطَّةً، وَإِنَّمَا رُفِعَتْ لِتُعْطِيَ مَعْنَى الثَّبَاتَ كَقَوْلِهِ:
صَبْرٌ جَمِيلٌ فَكِلَانَا مُبْتَلَى وَالْأَصْلُ صَبْرًا. انْتَهَى كَلَامُهُ، وَهُوَ حَسَنٌ. وَيُؤَكِّدُ هَذَا التَّخْرِيجَ قِرَاءَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ:
حِطَّةً بِالنَّصْبِ، كَمَا رُوِيَ:
صَبْرًا جَمِيلًا فَكِلَانَا مُبْتَلَى بِالنَّصْبِ. وَالْأَظْهَرُ مِنَ التَّقَادِيرِ السَّابِقَةِ فِي إِضْمَارِ الْمُبْتَدَأِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الْمُنَاسِبَ فِي تَعْلِيقِ الْغُفْرَانِ عَلَيْهِ هُوَ سُؤَالُ حَطِّ الذُّنُوبِ لَا شَيْءَ مِنْ تِلْكَ التَّقَادِيرِ الْأُخَرِ، وَنَظِيرُ هَذَا الْإِضْمَارِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذَا ذُقْتُ فَاهًا قُلْتُ طَعْمُ مُدَامَةٍ ... مُعَتَّقَةٍ مِمَّا تَجِيءُ بِهِ التُّجُرُ
رُوِيَ بِرَفْعِ طَعْمُ عَلَى تَقْدِيرِ: هَذَا طَعْمُ مُدَامَةٍ، وَبِالنَّصْبِ عَلَى تَقْدِيرِ: ذُقْتُ طَعْمَ مذامة. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُنْصَبَ حِطَّةٌ فِي قِرَاءَةِ مَنْ نصبها بقولوا عَلَى مَعْنَى قُولُوا هَذِهِ الْكَلِمَةَ؟ قُلْتُ: لَا يَبْعُدُ، انْتَهَى. وَمَا جَوَّزَهُ لَيْسَ بِجَائِزٍ لِأَنَّ الْقَوْلَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 359
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست