responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 10
الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، وَالْوَزَرُ الْأَقْوَى الْأَوْقَى، وَالْحَبْلُ الْمَتِينُ، وَالصِّرَاطُ الْمُبِينُ، وَمَا زَال يَخْتَلِجُ فِي ذِكْرِي، وَيَعْتَلِجُ فِي فِكْرِي، أَنِّي إِذَا بَلَغْتُ الْأَمَد الَّذِي يَتَغَضَّدُ فِيهِ الْأَدِيمُ، وَيَتَنَغَّصُ بِرُؤْيَتِي النَّدِيمُ، وَهُو الْعِقْدُ الَّذِي يَحُلُّ عُرَى الشَّبَابِ، الْمَقُولُ فِيهِ إِذَا بَلَغ الرَّجُلُ السِّتِّين، فَإِيَّاهُ وَإِيَّا الشَّوَابّ، أَلُوذُ بِجَنَابِ الرَّحْمَنِ، وَأَقْتَصِرُ عَلَى النَّظَرِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، فَأَتَاح اللَّهُ لِي ذَلِك قَبْل بُلُوغِ ذَلِك الْعِقْدِ، وَبَلَّغَنِي مَا كُنْتُ أَرُومُ مِنْ ذَلِك الْقَصْدِ، وَذَلِك بِانْتِصَابِي مُدَرِّسًا فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ فِي قُبَّةِ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ، قَدَّس اللَّهُ مَرْقَدَهُ، وَبَلّ بِمُزْنِ الرَّحْمَةِ مَعْهَدَهُ، وَذَلِك فِي دَوْلَةِ وَلَدِهِ السُّلْطَانِ الْقَاهِرِ، الْمَلِكِ النَّاصِرِ، الَّذِي رَدّ اللَّهُ بِهِ الْحَقّ إِلَى أَهْلِهِ، وَأَسْبَغ عَلَى الْعَالَمِ وَارِف ظِلِّهِ، وَاسْتَنْقَذ بِهِ الْمُلْك مِنْ غُصَّابِهِ، وَأَقَرَّهُ فِي مُنِيفِ مَحَلِّهِ وَشَرِيفِ نِصَابِهِ، وَكَان ذَلِك فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ عَشْرٍ وَسَبْعِمِائَةٍ، وَهِي أَوَائِلُ سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِين مِنْ عُمُرِي، فَعَكَفْتُ عَلَى تَصْنِيفِ هَذَا الْكِتَابِ، وَانْتِخَابِ الصَّفْوِ وَاللُّبَابِ، أُجِيلُ الْفِكْر فِيمَا وَضَع النَّاسُ فِي تَصَانِيفِهِمْ، وَأُنْعِمُ النَّظَر فِيمَا اقْتَرَحُوهُ مِنْ تَآلِيفِهِمْ، فَأُلَخِّصُ مُطَوَّلَهَا، وَأَحُلُّ مُشْكِلَهَا، وَأُقَيِّدُ مُطْلَقَهَا، وَأَفْتَحُ مُغْلَقَهَا، وَأَجْمَعُ مُبَدَّدَهَا، وَأُخْلِصُ مَنْقَدَهَا، وَأُضِيفُ إِلَى ذَلِك مَا اسْتَخْرَجَتْهُ الْقُوَّةُ الْمُفَكِّرَةُ مِنْ لَطَائِفِ عِلْمِ الْبَيَانِ، الْمُطْلِعِ عَلَى إِعْجَازِ الْقُرْآنِ.
وَمِنْ دَقَائِقِ عِلْمِ الْإِعْرَابِ، الْمُغْرِبِ فِي الْوُجُودِ أَيّ إِغْرَابٍ، الْمُقْتَنِصِ فِي الْأَعْمَارِ الطَّوِيلَةِ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ، وَبَيَانِ الْأَدَبِ، فَكَمْ حَوَى مِنْ لَطِيفَةٍ فِكْرِي مُسْتَخْرِجُهَا، وَمِنْ غَرِيبَةٍ ذِهْنِي مُنْتِجُهَا، تَحَصَّلَتْ بِالْعُكُوفِ عَلَى عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ، وَالنَّظَرِ فِي التَّرَاكِيبِ النَّحْوِيَّةِ، وَالتَّصَرُّفِ فِي أَسَالِيبِ النَّظْمِ وَالنَّثْرِ، وَالتَّقَلُّبِ فِي أَفَانِينِ الْخُطَبِ وَالشِّعْرِ، لَمْ يَهْتَدِ إِلَى إِثَارَتِهَا ذِهْنٌ، وَلَا صَاب بِرِيقِهَا مُزْنٌ، وَأَنَّى ذَلِك وَهِي أَزَاهِرُ خَمَائِل غُفْلٍ، وَمَنَاظِرُ مَا لِمُسْتَغْلَقِ أَبْوَابِهَا مِنْ قُفْلٍ. فِي إِدْرَاكِ مِثْلِهَا تَتَفَاوَتُ الْأَفْهَامُ، وَتَتَبَارَى الْأَوْهَامُ، وَلَيْس الْعِلْمُ عَلَى زَمَانٍ مَقْصُورًا، وَلَا فِي أَهْلِ زَمَانٍ مَحْصُورًا، بَلْ جَعَلَهُ اللَّهُ حَيْثُ شَاء مِن الْبِلَادِ، وَبَثَّهُ فِي التَّهَائِمِ وَالنِّجَادِ، وَأَبْرَزَهُ أَنْوَارًا تُتَوَسَّمُ، وَأَزْهَارًا تُتَنَسَّمُ، وَمَا زَال بِأُفُقِنَا الْمَغْرِبِيِّ الْأَنْدَلُسِيِّ، عَلَى بُعْدِهِ مِنْ مَهْبِطِ الْوَحْيِ النَّبَوِيِّ، عُلَمَاءُ بِالْعُلُومِ الإسلامية وغيرها. وَفُهَمَاءُ تَلَامِيذُ لَهُمْ دُرَاةٌ نَقَلَةٌ، يُرْوَوْن فَيَرْوُون وَيُسْقَوْن فَيَرْتَوُونَ، وَيُنْشَدُونَ فَيُنْشِدُونَ، وَيُهْدَوْنَ فَيَهْدُونَ، هَذَا وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي مَدَارِكِ الْعُلُومِ، وَتَبَايَنُوا فِي الْمَفْهُومِ، فَكُلٌّ مِنْهُمْ لَهُ مَزِيَّةٌ لَا يُجْهَلُ قَدْرُهَا، وَفَضِيلَةٌ لَا يُسَرُّ بَدْرُهَا.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 10
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست