نام کتاب : إعراب القرآن الكريم وبيانه نویسنده : الدرويش، محيي الدين جلد : 3 صفحه : 224
واديا فيه من الزمهرير ما يميّز بعض أوصالهم من بعض فيتعاوون ويطلبون الرد
الى الجحيم».
رأي الزّجّاج :
وقد عثرنا على
رأي طريف للزجاج ، ينقع الغليل. ولكنه مبتسر يحتاج إلى الإبانة والكشف ، فقد قال
الزجاج : «والمراد والله أعلم إلا ما شاء من زيادة العذاب». بيد أنه ـ أي : الزجاج
ـ لم يبيّن وجه استقامة الاستثناء ، والمستثنى على هذا التأويل لم يغاير المستثنى
منه في الحكم ، والظاهر أن العذاب على درجات متباينة ، ومراتب متفاوتة ، ومقادير
غير متناسبة ، وكأن المراد أنهم مخلدون في حبس العذاب ، إلا ما شاء ربك من زيادة
تبلغ الغاية ، وتربو على النهاية ، حتى تكاد لبلوغها أقصى الغايات تعدّ خارجة عن
العذاب ، وكأنها ليست منه ، ولا داخلة في حيّزه. والمعروف عن العرب في سنن كلامهم
أنهم يعبرون عن الشيء إذا بلغ الغاية بالضّدّ ، فكأنّ هؤلاء المعذبين وقد طمّ
عليهم البلاء ، وبلغوا من الشدة غايتها ، ومن اللأواء نهايتها ، وقد وصلوا إلى
المدى الذي يكاد يخرجه من العذاب المطلق ، فساغت معاملته في التعبير بمعاملة
المغاير ، وهذه وثبة من الزجاج ، لا نتبين فحواها إلا بهذا البسط الذي يحتاج فهمه
إلى رهافة ذوق ، وشفوف طبع ، والله الموفّق.