responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اضواء البيان في ايضاح القران بالقران نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 4  صفحه : 282
اللَّهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ فَأَذَلَّهُ وَأَهَانَهُ. وَذَلِكَ الذُّلُّ وَالْإِهَانَةُ نَقِيضُ مَا كَانَ يُؤَمِّلُهُ مِنَ الْكِبْرِ وَالْعَظَمَةِ.
وَهَذَا الْمَفْهُومُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَاتٌ أُخَرُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ [40 \ 56] ، وَقَوْلِهِ فِي إِبْلِيسَ لَمَّا اسْتَكْبَرَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ [7 \ 13] وَالصَّغَارُ: الذُّلُّ وَالْهَوَانُ، عِيَاذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ. وَقَوْلِهِ: وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ [22 \ 9] ؛ أَيْ: نَحْرِقُهُ بِالنَّارِ، وَنُذِيقُهُ أَلَمَ حَرِّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَسُمِّيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ; لِأَنَّ النَّاسَ يَقُومُونَ فِيهِ لَهُ جَلَّ وَعَلَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [83 \ 4 - 6] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ الْمَعْنَى: أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا أُذِيقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ، يُقَالُ لَهُ ذَلِكَ؛ أَيْ: هَذَا الْعَذَابُ الَّذِي نُذِيقُكَهُ بِسَبَبِ مَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ؛ أَيْ: قَدَّمَتْهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [22 \ 10] فَلَا يَظْلِمُ أَحَدًا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ. وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [4 \ 30] وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَصْدَرَ الْمُنْسَبِكَ مِنْ «أَنَّ» وَصِلَتِهَا فِي قَوْلِهِ: وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [22 \ 10] فِي مَحَلِّ خَفْضٍ عَطْفًا عَلَى (مَا) الْمَجْرُورَةِ بِالْبَاءِ.
وَالْمَعْنَى: هَذَا الْعَذَابُ الَّذِي يُذِيقُكَهُ اللَّهُ حَصَلَ لَكَ بِسَبَبَيْنِ، وَهُمَا: مَا قَدَّمَتْهُ يَدَاكَ مِنْ عَمَلِ السُّوءِ مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، وَعَدَالَةُ مَنْ جَازَاكَ ذَلِكَ الْجَزَاءَ الْوِفَاقَ، وَعَدَمُ ظُلْمِهِ. وَقَدْ أَوْضَحْنَا فِيمَا مَضَى إِزَالَةَ الْإِشْكَالِ الْمَعْرُوفِ فِي نَفْيِ صِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ، فِي قَوْلِهِ: لَيْسَ بِظَلَّامٍ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ثَلَاثَةُ أَسْئِلَةٍ:
الْأَوَّلُ: هُوَ مَا ذَكَرْنَا آنِفًا أَنَّا أَوْضَحْنَا الْجَوَابَ عَنْهُ سَابِقًا، وَهُوَ: أَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ النَّفْيَ إِذَا دَخَلَ عَلَى صِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ، لَمْ يَقْتَضِ نَفْيَ أَصْلِ الْفِعْلِ.
فَلَوْ قُلْتَ: لَيْسَ زَيْدٌ بِظَلَّامٍ لِلنَّاسِ، فَمَعْنَاهُ الْمَعْرُوفُ: أَنَّهُ غَيْرُ مُبَالِغٍ فِي الظُّلْمِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ حُصُولَ مُطْلَقِ الظُّلْمِ مِنْهُ. وَقَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَ هَذَا.

نام کتاب : اضواء البيان في ايضاح القران بالقران نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 4  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست