responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اضواء البيان في ايضاح القران بالقران نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 4  صفحه : 28
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ.
ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ فِرْعَوْنَ لَعَنَهُ اللَّهُ، لَمَّا رَأَى آيَاتِ اللَّهِ وَمُعْجِزَاتِهِ الْبَاهِرَةَ، وَادَّعَى أَنَّهَا سِحْرٌ أَقْسَمَ لِيَأَتِيَنَّ مُوسَى بِسِحْرٍ مِثْلِ آيَاتِ اللَّهِ الَّتِي يَزْعُمُ هُوَ أَنَّهَا سِحْرٌ. وَقَدْ بَيَّنَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ: أَنَّ إِتْيَانَهُمْ بِالسِّحْرِ وَجَمْعَهُمُ السَّحَرَةَ كَانَ عَنِ اتِّفَاقِ مَلَئِهِمْ عَلَى ذَلِكَ. كَقَوْلِهِ فِي «الْأَعْرَافِ» : قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ [7 109 - 110] . وَقَوْلِهِ فِي «الشُّعَرَاءِ» : قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ [الْآيَاتِ 34 - 37] ، لِأَنَّ قَوْلَهُ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ فِرْعَوْنَ فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ وَقَعَ بَعْدَ مُشَاوَرَةِ وَاتِّفَاقِ الْمَلَأِ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى.
ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا وَعَدَ مُوسَى بِأَنَّهُ يَأَتِي بِسِحْرٍ مِثْلِ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى فِي زَعْمِهِ قَالَ لِمُوسَى فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ وَالْإِخْلَافُ: عَدَمُ إِنْجَازِ الْوَعْدِ. وَقَرَّرَ أَنْ يَكُونَ مَكَانُ الِاجْتِمَاعِ الْمُنَاظَرَةِ وَالْمُغَالَبَةِ فِي السِّحْرِ فِي زَعْمِهِ مَكَانًا سُوًى. وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِي قَوْلِهِ سُوًى عَلَى قِرَاءَةِ الْكَسْرِ وَالضَّمِّ: أَنَّهُ مَكَانٌ وَسَطٌ تَسْتَوِي أَطْرَافُ الْبَلَدِ فِيهِ. لِتَوَسُّطِهَا بَيْنَهَا، فَلَمْ يَكُنْ أَقْرَبَ لِلشَّرْقِ مِنَ الْغَرْبِ، وَلَا لِلْجَنُوبِ مِنَ الشَّمَالِ. وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُفَسِّرِينَ مَكَانًا سُوًى أَيْ نِصْفًا وَعَدْلًا لِيَتَمَكَّنَ جَمِيعُ النَّاسِ أَنْ يَحْضُرُوا. وَقَوْلُهُ: سُوًى أَصْلُهُ مِنَ الِاسْتِوَاءِ. لِأَنَّ الْمَسَافَةَ مِنَ الْوَسَطِ إِلَى الطَّرَفَيْنِ لَا تَفَاوُتَ فِيهَا بَلْ هِيَ مُسْتَوِيَةٌ. وَقَوْلُهُ سُوًى فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: الضَّمُّ، وَالْكَسْرُ مَعَ الْقَصْرِ، وَفَتْحُ السِّينِ مَعَ الْمَدِّ. وَالْقِرَاءَةُ بِالْأُولَيَيْنِ دُونَ الثَّالِثَةِ هُنَا وَمِنَ الْقِرَاءَةِ بِالثَّالِثَةِ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ [3 64] وَمِنْ إِطْلَاقِ الْعَرَبِ مَكَانًا سُوًى عَلَى الْمَكَانِ الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ قَوْلُ مُوسَى بْنُ جَابِرٍ الْحَنَفِيِّ، وَقَدْ أَنْشَدَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ شَاهِدًا لِذَلِكَ:
وَإِنَّ أَبَانَا كَانَ حَلَّ بِبَلْدَةٍ سُوًى ... بَيْنَ قَيْسِ عَيْلَانَ وَالْفِزْرِ

نام کتاب : اضواء البيان في ايضاح القران بالقران نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 4  صفحه : 28
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست