responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اضواء البيان في ايضاح القران بالقران نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 4  صفحه : 251
وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - إِلَى الْخَلَائِقِ إِلَّا رَحْمَةً لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ جَاءَهُمْ بِمَا يُسْعِدُهُمْ وَيَنَالُونَ بِهِ كُلَّ خَيْرٍ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِنِ اتَّبَعُوهُ. وَمَنْ خَالَفَ وَلَمْ يَتَّبِعْ فَهُوَ الَّذِي ضَيَّعَ عَلَى نَفْسِهِ نَصِيبَهُ مِنْ تِلْكَ الرَّحْمَةِ الْعُظْمَى. وَضَرَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِهَذَا مَثَلًا، قَالَ: لَوْ فَجَّرَ اللَّهُ عَيْنًا لِلْخَلْقِ غَزِيرَةَ الْمَاءِ، سَهْلَةَ التَّنَاوُلِ، فَسَقَى النَّاسُ زُرُوعَهُمْ وَمَوَاشِيَهُمْ بِمَائِهَا، فَتَتَابَعَتْ عَلَيْهِمُ النِّعَمُ بِذَلِكَ، وَبَقِيَ أُنَاسٌ مُفَرِّطُونَ كُسَالَى عَنِ الْعَمَلِ، فَضَيَّعُوا نَصِيبَهُمْ مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ - فَالْعَيْنُ الْمُفَجَّرَةُ فِي نَفْسِهَا رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ، وَنِعْمَةٌ لِلْفَرِيقَيْنِ. وَلَكِنَّ الْكَسْلَانَ مِحْنَةٌ عَلَى نَفْسِهِ حَيْثُ حَرَمَهَا مَا يَنْفَعُهَا. وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ [14 \ 28] وَقِيلَ: كَوْنُهُ رَحْمَةً لِلْكُفَّارِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ عُقُوبَتَهُمْ أُخِّرَتْ بِسَبَبِهِ، وَأَمِنُوا بِهِ عَذَابَ الِاسْتِئْصَالِ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
وَمَا ذَكَرَهُ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مِنْ أَنَّهُ مَا أَرْسَلَهُ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالِمِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ جَاءَ بِالرَّحْمَةِ لِلْخَلْقِ فِيمَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ. وَهَذَا الْمَعْنَى جَاءَ مُوَضَّحًا فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [29 \ 51] وَقَوْلِهِ: وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ الْآيَةَ [28 \ 86] .
وَقَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِكَ فِي سُورَةِ «الْكَهْفِ» فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهَا. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. قَالَ: «إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ.
قَوْلُهُ فَإِنْ تَوَلَّوْا [21 \ 109] أَيْ: أَعْرَضُوا وَصَدُّوا عَمَّا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ أَيْ: أَعْلَمْتُكُمْ أَنِّي حَرْبٌ لَكُمْ كَمَا أَنَّكُمْ حَرْبٌ لِي، بَرِيءٌ مِنْكُمْ كَمَا أَنْتُمْ بَرَاءٌ مِنِّي. وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ أَشَارَتْ إِلَيْهِ آيَاتٌ أُخَرُ، كَقَوْلِهِ: وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ [8 \ 58] أَيْ: لِيَكُنْ عِلْمُكَ وَعِلْمُهُمْ بِنَبْذِ الْعُهُودِ عَلَى السَّوَاءِ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ [10 \ 41] وَقَوْلِهِ: آذَنْتُكُمْ الْأَذَانُ: الْإِعْلَامُ. وَمِنْهُ الْأَذَانُ لِلصَّلَاةِ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ الْآيَةَ [9 \ 3] أَيْ: إِعْلَامٌ مِنْهُ، قَوْلُهُ: فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ الْآيَةَ [2 \ 279] أَيِ: اعْلَمُوا. وَمِنْهُ قَوْلُ

نام کتاب : اضواء البيان في ايضاح القران بالقران نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 4  صفحه : 251
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست