responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اضواء البيان في ايضاح القران بالقران نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 4  صفحه : 240
ذَلِكَ فِي «ص» إِلَى الشَّيْطَانِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سَلَّطَهُ اللَّهُ عَلَى جَسَدِهِ وَمَالِهِ وَأَهْلِهِ ابْتِلَاءً لِيَظْهَرَ صَبْرُهُ الْجَمِيلُ، وَتَكُونَ لَهُ الْعَافِيَةُ الْحَمِيدَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَيَرْجِعَ لَهُ كُلُّ مَا أُصِيبَ فِيهِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الشَّيْطَانَ لَا سُلْطَانَ لَهُ عَلَى مِثْلِ أَيُّوبَ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيطَ عَلَى الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْجَسَدِ مَنْ جِنْسِ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَنْشَأُ عَنْهَا الْأَعْرَاضُ الْبَشَرِيَّةُ كَالْمَرَضِ، وَذَلِكَ يَقَعُ لِلْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّهُمْ يُصِيبُهُمُ الْمَرَضُ، وَمَوْتُ الْأَهْلِ، وَهَلَاكُ الْمَالِ لِأَسْبَابٍ مُتَنَوِّعَةٍ. وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةُ تِلْكَ الْأَسْبَابِ تَسْلِيطَ الشَّيْطَانِ عَلَى ذَلِكَ لِلِابْتِلَاءِ، وَقَدْ أَوْضَحْنَا جَوَازَ وُقُوعِ الْأَمْرَاضِ، وَالتَّأْثِيرَاتِ الْبَشَرِيَّةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ فِي سُورَةِ «طه» وَقَوْلُ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ أَيُّوبَ فِي سُورَةِ «ص» : وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ [38 \ 44] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِيهِ: إِنَّهُ حَلَفَ فِي مَرَضِهِ لَيَضْرِبَنَّ زَوْجَهُ مِائَةَ سَوْطٍ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَأْخُذَ ضِغْثًا فَيَضْرِبَهَا بِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ يَمِينِهِ، وَالضِّغْثُ: الْحُزْمَةُ الصَّغِيرَةُ مِنْ حَشِيشٍ أَوْ رَيْحَانٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَأْخُذُ حُزْمَةً فِيهَا مِائَةُ عُودٍ، فَيَضْرِبُهَا بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً، فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنْ يَمِينِهِ. وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ «الْكَهْفِ» الِاسْتِدْلَالَ بِآيَةِ وَلَا تَحْنَثْ [38 \ 44] عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُتَأَخِّرَ لَا يُفِيدُ؛ إِذْ لَوْ كَانَ يُفِيدُ لِقَالَ اللَّهُ لِأَيُّوبَ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِيَكُونَ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءً فِي يَمِينِكَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ.
أَيْ: وَاذْكُرْ ذَا النُّونِ. وَالنُّونُ: الْحُوتُ. «وَذَا» بِمَعْنَى صَاحِبٍ. فَقَوْلُهُ: وَذَا النُّونِ مَعْنَاهُ: صَاحِبُ الْحُوتِ. كَمَا صَرَّحَ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي «الْقَلَمِ» فِي قَوْلِهِ: وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ الْآيَةَ [68 \ 48] . وَإِنَّمَا أَضَافَهُ إِلَى الْحُوتِ لِأَنَّهُ الْتَقَمَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ [37 \ 142] .
وَقَوْلُهُ: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [21 \ 87] فِيهِ وَجْهَانِ مِنَ التَّفْسِيرِ لَا يَكْذِّبُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَعْنَى لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ أَيْ: لَنْ نُضَيِّقَ عَلَيْهِ فِي بَطْنِ الْحُوتِ. وَمِنْ إِطْلَاقِ «قَدَرَ» بِمَعْنَى «ضَيَّقَ» فِي الْقُرْآنِ قَوْلُهُ تَعَالَى: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ [13 \ 26] أَيْ: وَيُضَيِّقُ الرِّزْقَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ

نام کتاب : اضواء البيان في ايضاح القران بالقران نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 4  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست