responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اضواء البيان في ايضاح القران بالقران نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 4  صفحه : 150
[21 \ 38] فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَجَلِ هُوَ الْعَجَلَةُ الَّتِي هِيَ خِلَافُ التَّأَنِّي، وَالتَّثَبُّتِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: خُلِقَ مِنْ كَذَا. يَعْنُونَ بِذَلِكَ الْمُبَالِغَةَ فِي الْإِنْصَافِ. كَقَوْلِهِمْ: خُلِقَ فَلَانٌ مِنْ كَرَمٍ، وَخُلِقَتْ فُلَانَةُ مِنَ الْجَمَالِ. وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ [30 \ 54] عَلَى الْأَظْهَرِ. وَيُوَضِّحُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا [17 \ 11] أَيْ: وَمِنْ عَجَلَتِهِ دُعَاؤُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ بِالشَّرِّ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: كَانُوا يَسْتَعْجِلُونَ عَذَابَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ الْمُلْجِئَةَ إِلَى الْعِلْمِ وَالْإِقْرَارِ، وَيَقُولُونَ: مَتَى هَذَا الْوَعْدُ. فَنَزَلَ قَوْلُهُ: خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ لِلزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ. كَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ: لَيْسَ بِبِدْعٍ مِنْكُمْ أَنْ تَسْتَعْجِلُوا، فَإِنَّكُمْ مَجْبُولُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ طَبْعُكُمْ وَسَجِيَّتُكُمْ. ثُمَّ وَعَدَهُمْ بِأَنَّهُ سَيُرِيهِمْ آيَاتِهِ، وَنَهَاهُمْ أَنْ يَسْتَعْجِلُوا بِقَوْلِهِ: سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ [21 \ 37] كَمَا قَالَ تَعَالَى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [41 \ 53] وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: الْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ فِي قَوْلِهِ: خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ آدَمُ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالسُّدِّيِّ: لَمَّا دَخَلَ الرُّوحُ فِي عَيْنَيْ آدَمَ نَظَرَ فِي ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَلَمَّا دَخَلَ جَوْفَهُ اشْتَهَى الطَّعَامَ، فَوَثَبَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَبْلُغَ الرُّوحُ رِجْلَيْهِ؛ عَجْلَانَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ، وَالْكَلْبِيِّ، وَغَيْرِهِمَا: خُلِقَ آدَمُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ فِي آخِرِ النَّهَارِ، فَلَمَّا أَحْيَا اللَّهُ رَأْسَهُ اسْتَعْجَلَ وَطَلَبَ تَتْمِيمَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ وَنَحْوَهَا مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ. وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ جِنْسَ الْإِنْسَانِ مِنْ طَبْعِهِ الْعَجَلُ وَعَدَمُ التَّأَنِّي كَمَا بَيَّنَّا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ عَجَلَةِ الْإِنْسَانِ هَاهُنَا أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِالرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَعَ فِي النُّفُوسِ سُرْعَةُ الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ، وَاسْتَعْجَلَتْ ذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ لِأَنَّهُ تَعَالَى يُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، يُؤَجِّلُ ثُمَّ يُعَجِّلُ، وَيُنْظِرُ ثُمَّ لَا يُؤَخِّرُ. وَلِهَذَا قَالَ: سَأُرِيكُمْ آيَاتِي أَيْ: نَقْمِي وَحُكْمِي، وَاقْتِدَارِي عَلَى مَنْ عَصَانِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونَ. انْتَهَى مِنْهُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ.
جَوَابُ «لَوْ» فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَحْذُوفٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَدِلَّةَ ذَلِكَ وَشَوَاهِدَهُ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ

نام کتاب : اضواء البيان في ايضاح القران بالقران نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 4  صفحه : 150
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست