responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اضواء البيان في ايضاح القران بالقران نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 4  صفحه : 101
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا.
قَوْلُهُ: عَنَتِ أَيْ: ذَلَّتْ وَخَضَعَتْ. تَقُولُ الْعَرَبُ: عَنَا يَعْنُو عُنُوًّا وَعَنَاءً: إِذْ ذَلَّ وَخَضَعَ، وَخَشَعَ. وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَسِيرِ عَانٍ لِذُلِّهِ وَخُضُوعِهِ لِمَنْ أَسَرَهُ. وَمِنْهُ قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ:
مَلِيكٌ عَلَى عَرْشِ السَّمَاءِ مُهَيْمِنٌ ... لِعِزَّتِهِ تَعْنُو الْوُجُوهُ وَتَسْجُدُ
وَقَوْلُهُ أَيْضًا:
وَعَنَا لَهُ وَجْهِي وَخَلْقِي كُلُّهُ ... فِي السَّاجِدِينَ لِوَجْهِهِ مَشْكُورًا
وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمُرَادُ بِالْوُجُوهِ الَّتِي ذَلَّتْ وَخَشَعَتْ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ: وُجُوهُ الْعُصَاةِ خَاصَّةً وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: وَأَسْنَدَ الذُّلَّ، وَالْخُشُوعَ لِوُجُوهِهِمْ، لِأَنَّ الْوَجْهَ تَظْهَرُ فِيهِ آثَارُ الذُّلِّ، وَالْخُشُوعِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا الْآيَةَ [67 \ 27] وَقَوْلُهُ: وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ [75 \ 24] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً [88 \ 2 - 4] ،، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ انْتَصَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِبَعْضِ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ: أَيْ: ذَلَّتْ وَخَضَعَتْ وُجُوهُ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ بِالسُّجُودِ، وَالرُّكُوعِ. وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الذُّلُّ وَالْخُضُوعُ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لِأَنَّ السِّيَاقَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَكُلُّ الْخَلَائِقِ تَظْهَرُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَامَاتُ الذُّلِّ، وَالْخُضُوعِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا.
وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَيْ: خَسِرَ مَنْ حَمَلَ شِرْكًا. وَتَدُلُّ لِهَذَا الْقَوْلِ الْآيَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى تَسْمِيَةِ الشِّرْكِ ظُلْمًا. كَقَوْلِهِ: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [31 \ 13] ، وَقَوْلِهِ: وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ [2 \ 254] ، وَقَوْلِهِ: وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [10 \ 106] ، وَقَوْلِهِ: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ الْآيَةَ [6 \ 82] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الظُّلْمَ فِي قَوْلِهِ: وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا [20 \ 111] ، يَعُمُّ الشِّرْكَ، وَغَيْرَهُ مِنَ الْمَعَاصِي. وَخَيْبَةُ كُلِّ ظَالِمٍ بِقَدْرِ مَا حَلَّ مِنَ الظُّلْمِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

نام کتاب : اضواء البيان في ايضاح القران بالقران نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 4  صفحه : 101
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست