نام کتاب : نهايه الارب في فنون الادب نویسنده : النويري جلد : 3 صفحه : 342
وقال آخر وأعرض عن مطاعم قد أراها ... فأتركها وفي البطن انطواء فلا وأبيك ما في العيش خير ... وفي الدنيا إذا ذهب الحياء! قال الجنيد: مرّ بى الحارث بن أسد المحاسبىّ، فرأيت فيه أثر الجوع، فقلت: يا عمّ، تدخل الدار وتتناول شيئا؟ قال: نعم، فدخل، وقدّمت إليه طعاما حمل إلىّ من عرس، فأخذ لقمة فلاكها ونهض فألقاها في الدّهليز ومضى، فالتقيت به بعد أيام، فقلت له في ذلك، فقال: كنت جائعا، وأردت أن أسرّك بأكلى، ولكن بينى وبين الله تعالى علامة، أن لا يسوّغنى طعاما فيه شبهة، فمن أين كان ذلك الطعام؟ فأخبرته، ثم قلت له: تدخل اليوم؟ قال: نعم، فقدّمت إليه كسرا كانت لنا فأكل وقال: إذا قدّمت لفقير شيئا، فقدّم مثل هذا. روى أن عمرو بن العاص قال لأصحابه يوم الحكمين: أكثروا لهم الطعام، فو الله ما بطن قوم إلا فقدوا بعض عقولهم، وما مضت عزمة رجل بات بطينا؛ فلما وجد معاوية ما قال صحيحا، قال: البطنة تذهب الفطنة. وروى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشرب، فإن القلوب تموت كالزّرع إذا كثر عليه الماء» . ودخل عمر رضى الله عنه على ابنه عاصم وهو يأكل لحما فقال: ما هذا؟ قال: قرمنا اليه، قال: ويحك! قرمت إلى شىء فأكلته، كفى بالمرء شرها أن يأكل كلّ ما يشتهى. قال ابن دريد: العرب تعيّر بكثرة الأكل، وأنشد لست بأكّال كأكل العبد ... ولا بنوّام كنوم الفهد
نام کتاب : نهايه الارب في فنون الادب نویسنده : النويري جلد : 3 صفحه : 342