نام کتاب : نهايه الارب في فنون الادب نویسنده : النويري جلد : 3 صفحه : 341
وقيل: كان عيسى بن مريم صلوات الله عليه يقول: اعملوا ولا تغملوا لبطونكم، وإياكم وفضول الدنيا، فإن فضولها رجز، هذه طير السماء تغدو وتروح، ليس معها من أرزاقها شىء، لا تحرث ولا تحصد، والله يرزقها، فإن قلتم: بطوننا أعظم من بطونها، فهذه الوحش تغدو وتروح، وليس معها من أرزاقها شىء والله يرزقها. وروى أنّ علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه: لما دخل شهر رمضان كان يفطر ليلة عند الحسن، وليلة عند الحسين، وليلة عند عبد الله بن جعفر، لا يزيد على لقمتين أو ثلاث، فقيل له، فقال: إنما هى أيّام قلائل يأتى أمر الله وأنا خميص، فقتل من ليلته. وفي الحديث عن النبىّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «من قلّ طعمه صحّ بدنه وضفا قلبه، ومن كثر طعمه سقم جسمه وقسا قلبه» . وعنه صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما زيّن الله رجلا بزينة أفضل من عفاف بطنه» . قال حاتم أبيت خميص البطن مضطمر الحشا ... من الجوع أخشى الذّم أن أتضلعا فإنك إن أعطيت بطنك سؤله ... وفرجك نالا منتهى الذّم أجمعا وقال بعضهم: رأيت مجنونا ببغداد، وهو على باب دار فيها صنيع والناس يدخلون، وكنت ممن دعى، فقلت: ألا تدخل فتأكل؟ فإن الطعام كثير، قال: وإن كثر فإنى ممنوع منه، فقلت: كيف والباب مفتوح، ولا مانع من الدخول؟ فقال: أآكل طعاما لم أدع إليه؟ لقد اضطرّنى إلى ذلك غير الجوع، فقلت: ما هو؟ قال: دناءة النفس وسوء الغريزة، قال الشاعر وإنّى لعفّ عن مطاعم جمّة ... إذا زيّن الفحشاء للنفس جوعها
نام کتاب : نهايه الارب في فنون الادب نویسنده : النويري جلد : 3 صفحه : 341