نام کتاب : نشوار المحاضرة و أخبار المذاكرة نویسنده : التنوخي، محمد بن علي جلد : 4 صفحه : 178
فقلت: و ما سببها؟فامتنع من ذكر السبب.
فألححت عليه، فقال: مات أبي، و سنّي عشرون سنة، و خلّف لي نعمة صغيرة، و رأس مال، و متاعا في دكّانه، و كان خلقانيّا في الكرخ [1] .
فقال لي لمّا حضرته الوفاة: يا بنيّ، إنّه لا وارث لي غيرك، و لا دين عليّ، و لا مظلمة، فإذا أنا متّ، فأحسن جهازي، و صدّق [2] عني بكذا و كذا، و أخرج عني حجّة بكذا و كذا، و بارك اللّه لك في الباقي، و لكن احفظ وصيّتي.
فقلت: قل.
فقال: لا تسرف في مالك، فتحتاج إلى ما في أيدي الناس و لا تجده، و اعلم أنّ القليل مع الإصلاح كثير، و الكثير مع الفساد قليل، فالزم السوق، و كن أوّل من يدخلها، و آخر من يخرج منها، و إن استطعت أن تدخلها سحرا بليل [3] ، فافعل، فإنّك تستفيد بذلك فوائد، تكشفها لك الأيّام.
و مات، و أنفذت وصيّته، و عملت بما أشار به، و كنت أدخل السوق سحرا، و أخرج منها عشاء، فلا أعدم أن يجيئني من يطلب كفنا، فلا يجد أحدا قد فتح غيري، فأحكم عليه، و من يبيع شيئا، و السوق لم تقم، فأبيعه له، و أشياء من الفوائد.
و مضى على لزومي السوق سنة و كسر، فصار لي بذلك جاه عند أهلها، و عرفوا استقامتي، فأكرموني.
فبينا أنا جالس يوما، و لم يتكامل السوق، إذا بامرأة راكبة حمارا
[1] الثوب الخلق: هو الثوب البالي، و الخلقاني: كما يتضح من القصة، الذي يبيع الأقمشة الرخيصة الثمن.