قال: فصاح عليّ القاضي أبو عمر، و قال: هاه، هو ذا تهزأ بنا، هو ذا تنمّس علينا؟ما هذا الكلام؟ فقلت: ما هو أيّد اللّه القاضي؟فو اللّه، ما أدري أنّي قلت شيئا يتعلّق بما قاله القاضي.
فقال: قولك يضرب، كأنّك لا تعلم أنّ الرباب يجرّ حتى يسمع [2]
صوته، و لا يضرب به.
فحلفت له بأيمان مغلظة أنّي ما علمت هذا، و لا رأيت الرباب قط.
فقال: إنّ هذا أقبح، سبيل الصالح أن يعلم طرق الفساد ليجتنبها على بصيرة، لا على جهل.
فعدت إلى داري، فقلت لسائس كان معي: ويلك اطلب لي ربابيّا [3] .
فطلبه، و جاء به، فجرّه بين يدي، فرأيته، فكان ما قاله أبو عمر صحيحا.
[1] الرباب آلة موسيقية ذات وتر واحد، يجر عليه ما يشبه القوس فيحدث أصواتا تصاحب الغناء، و في العراق مثل عامي يضرب لمن لجّ في المطالبة أو في الكلام، فيقال: سواها ربابه.