responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نثر الدر في المحاضرات نویسنده : أبو سعد الآبي    جلد : 5  صفحه : 24
وَقيل لَهُ - وَقد احتُضر -: أَلا تَتُوبُ؟ فَقَالَ: إِن كَانَت مُسيئاً فليسَت هَذِه ساعةَ التَّوبة، وَإِن كنتُ مُحْسناً فليستْ سَاعَة الْفَزع. لما نصبَ المنجنيق على الكَعْبةِ جَاءَت نارٌ فأحرقتِ المنجنيقَ، وامتنعَ أَصْحَابه مِن الرّيّ، فَقَالَ الحجاجُ: إِن ذَلِك نَار القربان دلتْ على أَن فعلكم مُتقبَّل. وَقَالَ على الْمِنْبَر: اقطَعوا هَذِه الأنْفسَ فَإِنَّهَا اسْأَل شيءٍ إِذا أعطيتْ، وأعصي شيءٍ إِذا سُئِلت. فرحمَ الله امْرأ جعل لنَفسِهِ خطاماً وزماماً، فقادَها بخطامها إِلَى طَاعَة الله، وعطفها بزمامها عَن مَعصية الله، فَإِنِّي رَأَيْت الصبرَ عَن مَحَارمه أيسر من الصَّبْر على عَذَابه. وَكَانَ يَقُول: إنّ امْرأ أتتْ عَلَيْهِ ساعةٌ من عُمُره لم يذكر ربه، وَلم يستغْفر من ذَنبه، أَو يفكر فِي معَاده. لجديرٌ أنْ تطول حَسرته يومَ الْقِيَامَة. لما قتل الْحجَّاج عبدَ الله بن الزُّبير ارتجتْ مَكة بالبكاء، فأمرَ الْحجَّاج بِالنَّاسِ، فجمعُوا إِلَى الْمَسْجِد، ثمَّ صَعدّ المنبرَ، فَحَمدَ الله وأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: يَا أهل مَكَّة. بَلغنِي إكْباركم واستفْظاعُكم قتل ابْن الزُّبير. أَلا وَإِن ابْن الزبير، كَانَ منْ أخُيار هَذِه الْأمة، حَتَّى رغب فِي الْخلَافَة، وَنَازع فِيهَا أهْلها، فَخلع طَاعَة الله، واستكنَّ بحرَم الله. وَلَو كَانَ شيءٌ مَانِعا للعُصاة لمنعتْ آدمَ حُرْمَة الْجنَّة، لِأَن الله تَعَالَى خلقه بِيَدِهِ، وَنفخ فِيهِ من روحه، وأسجَدَ لَهُ مَلَائكَته، وأباحه جنته، فَلَمَّا أَخطَأ أخرجَه من الْجنَّة بخطيئته. وآدَم على الله تَعَالَى أكُرمُ من ابْن الزبير، وَالْجنَّة أعظُم حُرْمَة من الْكَعْبَة. فاذكُروا الله يذْكرْكم. وَصعد الْمِنْبَر بعد قَتله ابْن الزّبير مُتلثِّماً، فحطَّ. اللِّثامَ عَنهُ، ثمَّ قَالَ: مَوْجُ ليلٍ الْتَطَمْ ... فانجلي بضوء صبحه يَا أهل الْحجاز. كَيفَ رَأَيْتُمُونِي؟ ألم أكشف ظلْمة الْجور، وطخية الْبَاطِل
نام کتاب : نثر الدر في المحاضرات نویسنده : أبو سعد الآبي    جلد : 5  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست